ثلاثة وأشار إليها شيخنا قدسسره في «المكاسب» عند ذكر شرائط صحّة البيع أيضا (١) ، والفرق بين الإكراه والاضطرار هو أنّ الثاني يكون من الدواعي غالبا ، ولذلك لا يجري دليل رفع الاضطرار في المعاملات ؛ لعدم خلوّها عن الدواعي الاضطراريّة غالبا مع عدم المدخليّة للدواعي في المعاملات ، ولكن تجري في التكاليف.
وأمّا الأوّل وهو الإكراه فهو إلزام على نفس الفعل ، ولذلك لمّا يخرج الفعل عن الاختيار فيسقط عن المؤثريّة ، فهو يجري في المعاملات والتكاليف كليهما ، وإن كان يختلف من بعض الجهات ، كما أشرنا إليه.
ولو أرسل في ملكه ماء فأغرق .. إلى آخره.
هنا صور ، لأنّ إرسال الماء وتأجيج النار إمّا أن يكون للحاجة ولم يتجاوز عن حدّها ، أو لم يكن كذلك ، وفي كلتا الصورتين إمّا أن يكون المالك ـ أي مرسل الماء وغيره ـ عالما بالتعدّي ، أو ظانّا به ، أو لم يكن كذلك ، والحكم الجامع لجميع الصور هو أنّ الضمان لتلف مال الغير المسبّب عن إرسال الماء في ملك نفسه أو تأجيج النار فيه تابع لصدق الإتلاف ، ولا يختلف في ذلك تجاوز إرسال الماء عن قدر الحاجة وعدمه ، ولا العلم أو الظنّ بسببيّة ذلك للتلف ولا عدمهما ، وذلك لما بيّنا سابقا من أنّ الضمان الحاصل بسبب الإتلاف ليس تابعا للعلم ، بل هو من الأحكام الوضعيّة الثابتة ، ولو في ظرف جهل مسبّب التلف ، وكذلك لا تمنع قاعدة «السلطنة» عن الضمان أيضا فيما إذا لم يتجاوز الماء أو النار عن قدر الحاجة فأوجب مع ذلك تلف مال الغير ؛ لأنّه قد تحقّق في السلف
__________________
(١) المكاسب : ٣ / ٣٢٧.