الإحداث عن حقّ ، ولم يكن عاديا في أصله (١) ، فليس كالغاصب الأصلي حتّى
__________________
(١) قد اضطربت كلمات الأصحاب في نظائر المسألة في أبواب متفرّقة من العارية والشفعة والإجارة والصلح والمفلّس وخيار الغبن ، وإن كان ظاهر المشهور على ما في «اللمعة» (اللمعة الدمشقيّة : ١٤٢) و «الشرائع» (شرائع الإسلام : ٣ / ٢٤٧) و «القواعد» (قواعد الأحكام : ١ / ٢٠٦) وغيرها هو جواز الرجوع للمالك ، وله إلزام صاحب الشجر والبناء ونحوهما على قلعهما وتخليص الأرض ، كما أنّ ظاهر المشهور أيضا أنّ على الملزم الأرش وإن استبعد صاحب «الجواهر» قدسسره (جواهر الكلام : ٣٧ / ٢٠٢) الجمع بين الفتويين ، ولقد أفاد قدسسره (جواهر الكلام : ٢٦ / ٢٥٧ ـ ٢٥٩) في تحقيق المسألة في باب الصلح ومال إلى خلاف ما عليه المشهور ، وجعل مسألة الغرس والبناء نظير استعارة الأرض للدفن أو الرهن أو الصلاة ، وأنّهما من واد واحد ، حيث إنّه كما أنّه ليس له الرجوع بالنسبة إلى الإذن السابق فهكذا كلّ ما هو من آثاره ولوازمه ، فراجع وتأمّل! [و] ملخّص ما أفاد في «الجواهر» : هو أنّ الآذن لمّا كان بإذنه أوّلا وإقدامه أدخل نفسه في حكم شرعي فليس له الرجوع بعده ، وبهذا التقريب أيضا ـ على ما ببالي ـ دفع الإشكال الاستاذ الأعظم النائيني (كتاب الصلاة للميرزا النائيني : ٢ / ١٠) في بحث الصلاة في مسألة جواز رجوع المالك الآذن للغير بقراءة الصلاة في ملكه بعد دخوله في الصلاة ، وقوّى عدم جواز الرجوع لما ذكرنا ، وإن أجاب عن ذلك الاستاذ العراقي ـ دام ظلّه ـ عن ذلك حيث نقلنا عنه ما أفاده النائيني ـ مدّ ظلّه ـ بأنّ الحكم الشرعي لا يوجب منع صاحب الحقّ وحرمانه عنه ، كما يكون كذلك في حقوق الناس ، بل الحكم ـ لو سلّمنا ـ يوجب الإلزام فقط ، وقد أشار إلى ما أفاده ـ دام ظلّه ـ شيخنا قدسسره في مكاسبه (المكاسب : ٢ / ١٢٥) في طيّ بحث الاجرة على الواجب ودفع الإشكال عنها ، فراجع!
هذا مضافا إلى منع دخول المالك في الحكم الشرعي وهو حرمة الإبطال وحرمة النبش وغيرهما بالإذن ، لأنّ الحرمة موقوفة على عدم بقاء حقّ الرجوع له ، وهو أوّل الكلام ، مع أنّه لا إطلاق لدليلهما ، كما لا يخفى.
اللهمّ إلّا أن يرجع كلام [صاحب] «الجواهر» قدسسره إلى أنّه لمّا كان الإذن في الشيء إذنا في لوازمه فلذلك ليس للآذن حقّ الرجوع في مسألة الإذن في الصلاة ونحوهما لهذه القاعدة العرفيّة ، وهكذا في مسألة العارية للغرس والرهن ونحوهما ، حيث إنّ بناء المتعاملين على بقاء الأرض مشغولة ما دام الشجر باقيا ، وهكذا بالنسبة إلى الرهن والدفن ونظائرهما ، كما يكون عكس ذلك في المقامات ، مثل مسألة البيع الخياري ، فإنّ بناء المتعاملين في مثله بقاء العين إلى انقضاء الخيار وعدم إتلافها أو نقلها ـ