فانقدح ممّا ذكرنا ؛ أنّ حكم الغاصب العرضي ـ أي من لم يكن غاصبا ابتداءً عند إحداث تصرّفه ـ حكم الغاصب الابتدائي ، فيجوز للمغصوب منه أن يتصرّف في ماله كيف شاء ، ولا يزاحم تصرّفه الحقّ السابق للغاصب.
وببيان آخر : يكون المقام من باب دوران الأمر بين تأثير المقتضي التنجيزي والتعليقي ، ضرورة أنّ اقتضاء القاعدة وسلطنة صاحب الحجر على ماله تنجيزيّ ، بعد أن كان تصرّفه وسلطنته على ماله المستلزم للتصرّف في مال الغير مالا لا احترام له ، فاقتضاء سلطنته تامّ ، وأمّا تصرّف صاحب البناء في ماله الّذي هو عين تصرّفه في مال الغير إنّما يثبت إذا لم يكن صاحب الحجر سلطانا على ماله ، فتصير سلطنته معلّقة ، ولا ريب أنّ المقتضي التعليقي لا يمكن أن يزاحم التنجيزي فيمنعه عن تأثيره.
هذا ؛ ولقد أجاد ـ دام ظلّه ـ في ما أفاد في بيان سرّ المسألة ، وأصل فتواه في المسألة مطابق لفتوى الأصحاب أيضا ، ولكنّ العمدة في تماميّة كلا البيانين هي ما ذكرنا من المقدّمة ، وهي كون تصرّف صاحب البناء في ماله عين تصرّفه في مال الغير ، بخلاف تصرّف صاحب الحجر فهو ليس كذلك ، بل هو مستلزم للتصرّف في مال الغير ، وأنت خبير بأنّ مجال المنع لهذه المقدّمة [واسع] ، وقد أشرنا إلى ذلك في بحث الخيارات.
هذا كلّه ؛ بالنسبة إلى جواز تصرّف المغصوب منه في ماله ، ولو كان مستلزما للتصرّف في مال الغير المترتّب ذلك على سقوط سلطنة صاحب البناء ، ولكن لا يخفى أنّ صاحب البناء لمّا كان في أصل إحداث بنائه فيما يجوز له