وأمّا بالنسبة إلى صاحب الحجر فلا مانع من تطبيق القاعدة عليه ، ضرورة أنّ سلطنته على ماله وإن كانت موقوفة على عدم احترام مال صاحب البناء ، إلّا أنّ عدم احترامه قد يثبت في الرتبة السابقة بسبب كون البناء في مال الغير ، فلا يتوقّف إثبات سلطنة صاحب الحجر على إسقاط سلطنة صاحب البناء ، بل لمّا كانت سلطنته على ماله ساقطة سابقا لسقوط احترامه ، فتصرّف صاحب الحجر لتخليص ماله من مال الغير يقع حين سقوط سلطنة الغير من الخارج ، لما سنشير من أنّ إثبات سلطنة الشخص على مال نفسه لا يوجب ولا يقتضي حفظه الناشئ من قبل سلطنته عليه أن يتصرّف في مال الغير لحفظ ماله ، بل إنّما يوجب حرمة تصرّف الغير في هذا المال ، والمفروض أنّ مال صاحب البناء سقط عن الحرمة ، فانتفى بذلك ما كان يقتضي حرمة تصرّف صاحب الحجر فيه لو لا سقوطه عن الاحترام.
وبالجملة ؛ لمّا كان جواز تصرّف صاحب البناء في بنائه بإبقائه مقرونا بالمانع عينا بخلاف صاحب الحجر ، فيصير المقام بالنسبة إلى القاعدة الّتي هي المرجع ـ وهي «الناس مسلّطون» (١) .. إلى آخره ـ من باب دوران الأمر بين التخصيص والتخصّص ، لما عرفت من أنّ هذه القاعدة بالنسبة إلى صاحب البناء بعد سقوط احترام ماله ، فلا مقتضي لجريانها ؛ لأنّ موضوع هذه القاعدة إنّما هو المال المحترم ، وأمّا بالنسبة إلى صاحب الحجر فالمقتضي لجريانها تامّ لبقاء الموضوع ، وإنّما المانع المتصوّر أن يخصّص سلطنته بسلطنة صاحب البناء ، ومن المعلوم أنّه عند دوران الأمر بين التخصيص والتخصّص ؛ الثاني متعيّن.
__________________
(١) عوالي اللآلي : ١ / ٢٢٢ الحديث ٩٩.