كالزئبق الغير القابلة للتنجّس ، وقد عرفت ، بل الشكّ يكفي للحكم بطهارتها.
نعم ؛ إذا ادخل شيء من الخارج ولاقى الدم أو البول ينجس بمقتضى ما بيّنا وإن لم يكن عليه في الخارج أثر النجاسة ، هذا حاصل ما حقّقه صاحب «الحدائق» على ما نقل (١).
والوجه الثاني ؛ هو أن يقال : إنّ حكم الدم استفيد عن الموارد الّتي وقع في السؤال والجواب إصابة الثوب أو البدن ونحوهما الدم ، وغاية ما تدلّ عليه مجموع هذه الأسئلة والأجوبة أنّ ملاقاة أمثال ما ذكر الدم توجب نجاسة الملاقى ، فلا بدّ أن يكون هنا ملاقى ـ بالفتح ـ وملاق ـ بالكسر ـ ولا خفاء أنّ الدم وكذلك البول ما داما في الباطن لا يصدق عليهما هذا المفهوم ، فلا يثبت الحكم حينئذ.
والحاصل ؛ أنّ الظاهر عدم وجود دليل يستكشف منه نجاسة صرف وجود الدم ، بل الدليل على خلافه ، كما في أخبار الرعاف وغيره قال عليهالسلام : «إنّما عليك أن تغسل الظاهر دون الباطن» (٢).
فعلى هذا ؛ لقد أحسن وأجاد من أفتى بعدم النجاسة في البواطن ؛ فبنى على طهارة النوى الخارج ، وكذلك زجاج الحقنة إذا خرجا نقيّا وإن علم بملاقاتهما البول والعذرة ، وكذلك طهارة الإبرة ونحوها إذا ادخلت في البدن وخرجت نقيّة (٣) ، بخلاف الوجه السابق ، فعليه التزم بالنجاسة في هذا الفرع.
وبالجملة ؛ على الوجه السابق لا بدّ من التفصيل بخلاف الّذي قرّرنا ، حيث
__________________
(١) الحدائق الناضرة : ٥ / ٣٤٣ ـ ٣٤٤.
(٢) وسائل الشيعة : ٣ / ٤٣٨ الحديث ٤٠٩٨ و ٤٠٩٩.
(٣) العروة الوثقى : ١ / ٥٦ المسألة ١ ، و ٦٥ المسألة ١٢.