وإنّما الإشكال هنا ؛ في المسألة من حيث الربا وجريانه في باب الضمانات كما بنى عليه المحقّق ، ولذلك أفتى في المقام فيما لو تعذّر مثلهما وانتهى الأمر إلى ردّ قيمتهما ، فلا بدّ من مراعاة شرائط الربا (١) من كون القيمة الّتي تكون من نقد البلد مساوية مع التالف وزنا مع كونها من جنسه ، وإن لم يكونا متساويين فيعطى القيمة من غير الجنس ، وعدم جريانه في الضمانات لعدم كونها معاملة معاوضيّة مع اختصاص أدلّة الربا بباب المعاوضات ، كما مال إلى ذلك صاحب «الجواهر» قدسسره (٢).
ولكن التحقيق : أنّه لو منع من جريان أدلّة الربا الواردة في باب المعاملات هنا لكان في محلّه ، لاختصاصها بباب البيع ، وإنّما تعدّى الأصحاب منه إلى غيره من أبواب المعاملات لتنقيح المناط الّذي لا ينطبق على باب الضمانات ، إنّما الكلام في جريان ما دلّ على حرمة الربا في باب القرض هنا لكونه أشبه بباب الضمانات من دون المعاملات ، فكما أنّ باب الغرامات ليست معاوضة ، بل إنّما هي ـ على ما بيّنا ـ خلاصة للماليّة الفائتة ، ومرتبة من مراتبها نظير قاعدة «الميسور» في العبادات ، فليس المأخوذ غرامة عنوانه عنوان العوض والبدل عن الفائت ، فكذلك باب الدين ، فليس ما يأخذه الدائن بدلا عمّا أعطى ، بل مرتبة من مراتبه بمعنى تجاوزه عن خصوصيّته وأخذ ماليّته في ضمن خصوصيّة اخرى ، فهو حين إعطائه الدين ليس نظره إلى تبديله بغيره ، بحيث يقوم شيء آخر مقامه عند الأداء كما في المعاملات ، بل في الحقيقة نظره إلى أخذ شخص
__________________
(١) شرائع الإسلام : ٣ / ٢٤٠.
(٢) جواهر الكلام : ٣٧ / ١٠٨ و ١٠٩.