نعم ؛ مع الغليان والنشيش وحصول صفة الإسكار يثبت الحكمان بلا احتياج إلى الاشتداد والثخونة ، كما يكون كذلك ـ يعني حكم الحرمة فقط ثابت ـ في القسم الأوّل أيضا بمجرّد الغليان بالنار وإن لم يحصل الاشتداد ، ولا يحلّ إلّا بعد التثليث ، فتدلّ عليه الأخبار المصرّحة المفصّلة بين ما إذا غلى العصير بالنار ، وبين ما إذا غلى بنفسه ، حيث جعلت غاية الحلّيّة في الاولى ذهاب الثلثين ؛ والثانية بأن تصير خلًّا ، كما تدلّ عليه كلمات الفقهاء ، وأمّا في الأخبار ، فالغاية غير مذكورة في الأخيرة.
وذلك كلّه لعدم الدليل على اعتبار ذلك الاشتداد (١) من الأخبار ، والّذي يدلّ عليه هو الغليان ، بأن يصير أسفله أعلاه (٢) وبالعكس (٣).
وعلى كلّ حال لا دليل على نجاسة العصير (٤) بأيّ قسم منه أصلا ، وأمّا دعوى الإجماع في المسألة ـ مع أنّها غير معنونة في كلمات القدماء أصلا ـ عجيبة ، وكذلك ادّعاء الشهرة ، فإنّ شهرة النجاسة ليست إلّا من المتأخّرين ، ومن المعلوم أنّها لا تكون دليلا ، ولذلك اشتهرت طهارة العصير بين متأخّري المتأخّرين.
والّذي يحتمل قويّا أنّ منشأ الحكم بالنجاسة هو فتوى الشيخ قدسسره الّذي هو مبدأ المتأخّرين ورئيسهم.
__________________
(١) بمعنى الغلظة ؛ نعم ؛ المراد به الثخونة والحدّة الّتي هي الإسكار معتبر ، كما يظهر ذلك بالتأمّل في الأخبار وكلمات الأعلام الأخيار ، وبالجملة فهذه الأوصاف الأربعة ، أعني الشدّة والنشيش والتغيّر والزبد ملازمة بينها وهي ملازمة للإسكار ، «منه رحمهالله».
(٢) وسائل الشيعة : ٢٥ / ٢٨٧ الحديث ٣١٩٢٦.
(٣) كما أشار إليه بعض الأخبار ، «منه رحمهالله».
(٤) بعنوان العصير ، «منه رحمهالله».