تعالى : (سُبْحانَهُ عَمّا يُشْرِكُونَ (١)) (٢).
وفيه ؛ أنّ هذا خلاف المعنى المصطلح من الشرك والمشرك ؛ إذ الظاهر منه هو الّذي يرى في عرض ذاته تعالى شريكا في خالقيّته وتدبيره ، وهذا المعنى يختصّ بالوثنيّ والصنميّ وكلّ من اعتقد للموجودات وعالم التكوين مبدءين ، وأمّا مثل اليهود والنصارى القائلين بأنّ الله تعالى اتّخذ عزيزا أو المسيح ولدا ، وكذلك من اعتقد بالواسطة والمقرّب إليه تعالى ، فإطلاق الشرك عليهم إنّما يكون بالعناية ، والإطلاق أعمّ ، كما اطلق على المرائي المشرك ، مع أنّه لا يعبد إلّا الله ، وإنّما يرائي عبادته لا أن يكون الناس معبودا.
وبالجملة ؛ فهذه الجهات لمّا ينافي الخلوص وأنّه ساحته تعالى بريء عن شئون الإمكان من اتّخاذ الولد ونحوه ، فلذلك جعل تعالى الالتزام بها من الشرك ، لا أن يكون المعتقد بها مشركا حقيقيّا ، ولذلك جعل المشرك في القرآن غالبا في عرض أهل الكتاب.
فعلى هذا يخرج أهل الكتاب عن مساق الآية ، ولا بدّ من البحث فيهم مستقلّا ، كما عليه بناء الأصحاب.
ولقد أجاد المحقّق الهمداني قدسسره في «مصباح الفقيه» في البحث عن أهل الكتاب ، ونقل عمدة الأخبار واستدلال الفريقين القائلين بطهارتهم ونجاستهم.
وحاصل ما أفاد : أنّ الأخبار الّتي تمسّكوا بها لنجاستهم غير دالّة على نجاستهم الذاتيّة ، بل فيها ما يستفاد منه طهارتهم من هذه الجهة ، كقوله عليهالسلام في
__________________
(١) التوبة (٩) : ٣١.
(٢) الحدائق الناضرة : ٥ / ١٦٦.