رواية ابن مسلم : «لا تأكلوا في آنيتهم ولا من طعامهم الّذي يطبخون ، ولا في آنيتهم الّتي يشربون فيها الخمر (١)» (٢).
ولكنّ أخبار طهارتهم ظاهرة فيها ، ومشتملة على شواهد دالّة على أنّ أخبار النجاسة في مقام بيان نجاستهم العرضيّة لا الذاتيّة ، فهي على حجّيّتها باقية ؛ إذ لا قصور في دلالتها وكذلك في سندها ؛ لأنّها صحاح مستفيضة ، والمفروض أنّ الطائفة الاولى لقصور دلالتها ـ كما أشرنا ـ لا تصلح لمعارضتها.
نعم ؛ الذي يضعّفها ذهاب المشهور إلى نجاستهم ، فبناء على أنّ الشهرة الفتوائيّة على الخلاف يوجب سبب الوثوق والاطمينان عن الرواية ، يشكل القول بالطهارة ، والمسألة تحتاج إلى المراجعة ومزيد تأمّل حتّى يظهر الأمر وحقيقة الحال ، وهو العالم.
بقي الكلام في معنى الكفر والكافر ، فإنّ بعض مصاديقه مشكوك ؛ إذ الكفر لغة بل اصطلاحا معناه : الجحود والإكفار (٣). وعليه لا يصدق الكافر على الشاكّ والمتردّد في أركان الدين ، وينحصر بالجاحد والمعاند ، كما نرى في القرآن بالعيان أنّ خطاباته وزجره متوجّه إليهما ، مثل الآيات الكريمة : (وَجَحَدُوا بِها وَاسْتَيْقَنَتْها أَنْفُسُهُمْ) (٤) و (يا أَهْلَ الْكِتابِ لِمَ تَلْبِسُونَ الْحَقَّ بِالْباطِلِ وَتَكْتُمُونَ
__________________
(١) وسائل الشيعة : ٣ / ٤١٩ الحديث ٤٠٤٠ ، انظر! مصباح الفقيه (كتاب الطهارة) : ٥٥٨ و ٥٥٩ ط. ق.
(٢) الظاهر أنّ هذه الأخبار ليست لبيان الطهارة والنجاسة ، بل هي في مقام الحكم بالاجتناب عن اليهود والنصارى ، وعدم الخلطة معهم ، وحاصلها : أنّها أحكام أخلاقية ، «منه رحمهالله».
(٣) مجمع البحرين : ٣ / ٤٧٤.
(٤) النمل (٢٧) : ١٤.