من اشتراط بعضهم وجود أثر الاستعمال على المطروح فيها يظهر الثاني ، ومن إطلاق بعض آخر يظهر الأوّل ، ومدرك أصل المسألة رواية السكوني (١) ، وهو وإن كان عاميّا ممدوحا إلّا أنّهم اختلفوا في العمل برواياته ، ففي بعض المقامات يعملون به وفي بعض آخر لا يعملون بها ، لأنّ رواياته تحتمل التقيّة مطلقا ، ولكن لمّا كان منشأ السؤال إحدى الجهات الّتي قلنا ، والإمام عليهالسلام كان في مقام بيان حمل فعل المسلم على الصحّة ، ولذا يبيّن عليهالسلام أنّ اليد أمارة ، ومعلوم أنّ الأرض من حيث هي أرض لا تكون أمارة ، فلا بدّ أن يحمل على ما لو كان عليه أثر الاستعمال حتّى يرجع إلى اليد ، مع إمكان حملها على التقيّة.
وبالجملة ؛ هي لا تكون دليلا معتبرا يوجب رفع اليد عن الأصل المستفاد عن المعتبرات ، والأخذ بإطلاقها ، مع إمكان تقييدها وتخصيصها.
مع أنّه يمكن أن يكون السؤال عن النجاسة والطهارة لا من جهة التذكية والميتة ، لأنّ من الواضحات أنّه لا يمكن الحكم بكون مطلق المطروح من المذكّى ، مع احتمال كونه من بقيّة ما أكلته الكلاب وغيره ، والأخذ بإطلاق هذه الرواية ، والجمود على ظاهرها يوجب القول به.
فالإنصاف أنّها مجملة ، وإلحاق الأرض بالسوق لا محصّل له ، لأنّ السوق أيضا طريق إلى اليد ، لا أن يكون بنفسه أمارة موضوعيّة ، فلو أخذ الجلد من يد الكافر من سوق المسلم لا يكون محكوما بالتذكية ما لم يكن مسبوقا بيد المسلم أو مجهول الحال حتّى يوجب الحكم بالتذكية بها للغلبة في الأخير ، وفي الأوّل باستصحاب اليد.
__________________
(١) الكافي : ٦ / ٢٩٧ الحديث ٢ ، وسائل الشيعة : ٢٤ / ٩٠ الحديث ٣٠٠٧٧.