الثمن قد خرجنا عنها في موردين.
نقول : إن في موردنا ( حط وتعجل ) يجري هذا الارتكاز العقلائي والعرفي دون اي مانع ، فيتمكن الدائن أن يسقط شيئا من ماله في مقابل أن يعجل له الباقي ، فيكون إسقاط الاجل داعياً لنقصان الدين ، وهذا لم يرد عنه دليل شرعي يقول إنه ربا. وفرق هذه المناقشة عن سابقتها هي أنه يوجد دليل على حليتها وهو الارتكاز العرفي العقلائي ، بينما المناقشة الثانية رددنا فيها دليل الحرمة وهو القياس.
٤ ـ إن الربا الذي هو حرام هو : أن يأخذ الدائن زيادة على ما اعطاه بالشرط في متن العقد. ولذا قالت الآية الكريمة ( وإن تُبتُم فلكُم رُؤوس اموالكم لا تَظلمون ولا تُظلمون ) (١). وحينئذ يكون الربا المحرم هو : أن يكون المدين ملزما باعطاء الزائد بحيث لو لم يعط الزائد ألزمه الدائن بواسطة الحاكم التابع للقانون الوضعي للدولة التي تحكّم القانون الوضعي بدلاً من القانون الاسلامي ، أما عملية ( حط وتعجل ) فان الدائن له رأس ماله وهو يتنازل عن بعضه فيأخذ أقل مما يطلب ، وهذا لا دليل على حرمته وذلك لأمرين :
الاول : إذا أراد صاحب المال وهو الدائن أن يبرئ المدين من بعض الدين فله ذلك ، وهذا مورد متفق عليه ، بل هو يستحب اذا كان الوضع عن معسر كما روي في سنن البيهقي وغيره بسنده ان الرسول صلىاللهعليهوآله قال : « من أحب أن يظله الله في ظله فلينظر معسراً ، او ليضع عنه » (٢).
الثاني : إن المدين له حق أن يعجّل اعطاء المال الى الدائن ، وهذا ايضاً متفق عليه. وحينئذ نقول : اذا ضممنا الامر الاول للثاني نتج ما نحن فيه ، حيث أن
__________________
(١) البقرة ، ٢٧٩.
(٢) ج ٦ ، ص ٢٧.