وقد ذكر الفخر الرازي موضحا المعاملة التي كانت جارية في الجاهلية وتسمى ربا فقال : « اعلم ان الربا قسمان : ربا النسيئة وربا الفضل. أما ربا النسيئة فهو الامر الذي كان مشهورا متعارفا في الجاهلية وذلك أنهم كانوا يدفعون المال على أن يأخذوا كل شهر قدرا معينا ، ويكون رأس المال باقيا ، ثم اذا حل الدين طالبوا المديون برأس المال ، فان تعذر عليه الاداء زادوا في الحق والأجل ، فهذا هو الربا الذي كانوا في الجاهلية يتعاملون به » (١). وعلى هذا فلا يكون ( حط وتعجل ) هو ربا ، لان الربا هو الزيادة على رأس المال يأخذها المقرض ، وهنا ليس كذلك. وحينئذ اذا لم يمكن استفادة الربا المحرم ( من الاثر الثامن ) فلابد من حمل لفظ الربا اما على الزيادة المكروهة او على استحباب تركها ، وتوضيح ذلك :
أ ـ ان لفظة الربا قد اطلقت على بعض العمليات المحللة بالقطع واليقين ، كما في الروايات القائلة : ان ربح المؤمن على المؤمن ربا ، وفي بعضها الا أن يشتري باكثر من مائة درهم فاربح عليه قوت يومك ، او يشتريه للتجارة فاربحوا عليهم وأرفقوا بهم (٢). وعلى هذا فمجرد وجود لفظة الربا في أثر ( مع أن الموضوع الذي حكم عليه بانه ربا ليس بربا ووجود روايات تحلل هذا الموضوع ) يدل على أن لفظة الربا قد استعملت في الاثر الشرعي بمعنى الكراهة.
ب ـ توجد روايات تشير الى أن بعض التصرفات هي ربا حلال ، وهذه تسمى بروايات ( ربا العطية ) كما روى ذلك جعفر بن غياث عن الامام الصادق عليهالسلام قال : « الربا رباءان احدهما ربا حلال والآخر ربا حرام ، فأما الحلال فهو أن يقرض الرجل قرضا ، طمعا أن يزيده ويعوضه بأكثر مما أخذه بلا شرط بينهما ، فان اعطاه أكثر مما أخذه بلا شرط بينهما فهو مباح له ، وليس له عند
__________________
(١) مفاتيح الغيب المشتهر بالتفسير الكبير ، ٧ / ٩١ طبعة مصر ( المطبعة البهية ).
(٢) وسائل الشيعة ، ج ١٢ ، باب ١٠ من ابواب آداب التجارة.