الموروث عن القانون الروماني. ومذهب يغلِّب الناحية المالية ؛ وهو المذهب الألماني الحديث ... وأشهر من قال بالمذهب الشخصي من فقهاء الألمان ( سافيني ) فقد كان يرى الالتزام رابطة شخصية تخضع المدين للدائن ، وهو صورة مصغَّرة من الرق. فالسلطة التي تمنح لشخص على شخص آخر قد تستغرق حرية من يخضع لهذه السلطة وهذا هو الرق الكامل والملكية التامة ، وقد لا تتناول السلطة إلاّ بعض هذه الحرية ، ولا تمتد إلاّ الى جزء من نشاط المدين ، فيترتب ـ من ذلك ـ حق للدائن قريب من حق الملكية ولكنه ليس إيّاها فهو حق خاص بعمل معيَّن من أعمال المدين. وهذه النظرية قام في وجهها فقهاء الألمان وعلى رأسهم ( جييريك ) وأبوا أن تستقر في الفقه الألماني بعد ان عملوا على تحرير قانونهم من النظريات الرومانية وغلّبوا النظريات الجرمانية الاصل عليها. وقد بيَّن ( جييريك ) أن الفكرة الجرمانية في الالتزام لا تقف عند الرابطة الشخصية ، كما كان الامر في القانون الروماني ، بل تنظر الى محل الالتزام ، وهو العنصر الاساسي ، وتجرده من الرابطة الشخصية حتى يصبح الالتزام عنصراً مالياً اكثر منه علاقة شخصية ، فينفصل الالتزام بذلك عن شخص الدائن وعن شخص المدين ، ويختلط بمحله فيصبح شيئاً مادياً العبرة فيه بقيمته المالية » (١). ومن هنا دخلت فكرة الذمّة في الفقه الغربي إلاّ أنها اختلفت عن فكرة الذمّة عندنا ، فبينما الذّمة عندنا وعاء اعتباري لصيق بالانسان لا علاقة له بأمواله الخارجية ، كانت لديهم عبارة عمّا يسمى بالثروة او ( بالذمّة المالية ) وهي وعاء تستوعب كل اموال الانسان الخارجية وغيرها ايجابية وسلبية ، ففي الذمّة المالية عندهم عنصران : عنصر ايجابي هو الحقوق وعنصر سلبي هو التكاليف ، والذمّة تتكون من العنصرين معا ، وحاصل الفرق بين العنصرين يسمى الصافي ، وقد تكون الذمّة خالية ليس فيها
__________________
(١) الوسيط ، ج ١ ، الفقرة ٧ ـ ٩ ، ص ١٠٧ ـ ١٠٨.