ثالثاً : وهناك تعريف ثالث للذمّة ذكره القرافي من فقهاء المالكية في كتابه ( الفروق ) ذهب الى ان معنى الذمّة : « جعله الشارع مسبباً عن أشياء خاصة ، منها البلوغ ومنها الرشد ، فمن بلغ سفيهاً لا ذمّة له ومن حجّر عليه فقد ذمّته كالمفَّس ... » (١).
« فقد ذهب القرافي بالذمّة الى معنى أهلية الاداء الكاملة التي تشترط لصحة التصرفات ونفاذها ، وتتوقف على البلوغ وتنسلخ بالحجر. اذ من المقرر أن كلاًّ من المفلَّس والمحجور والطفل الوليد غير المميز يتمتع بأهلية وجوب كاملة تثبت بمقتضاها الحقوق له وعليه ؛ فيرث ويملك ما يوهب له ويضمن قيمة ما يتلف وتجب عليه النفقة لو كان غنيّاً.
فقوله : بان الصغير والسفيه والمفلَّس المحجور عليه لدَين لا ذمّة لهم ، معناه انه ليس لهم أهلية أداء تصح معها تصرفاتهم (٢).
ويرد على هذا المعنى للذمّة ما تقدم على السنهوري من ان الذمّة هي المحل المقدر لأهلية الانسان لأن تكون عليه حقوق. إضافة الى أن الذمّة ربما يقال بارتباطها باهلية الوجوب لما ذكر من الملازمة ، فقد يفضل الانسان ويقول : إن الذمّة هي أهلية الوجوب ، ولكن لا معنى لارتباط الذمّة باهلية الاداء والتصرفات ، فلا معنى للقول بأن الذمّة هي مرتبطة ( او ملازمة ) باهلية الاداء ، إذ من الواضح ان من لا تصح تصرفاته المالية لفَلس او حجر ، له ذمّة تتعلق بها الحقوق عليه كما لو أتلف مال غيره مثلا.
ثم ان هذه التعاريف الثلاثة للذمّة تذهب بالذمّة الى أنها شيء افتراضي ( مقدر الوجود ) وهو شيء صحيح.
رابعاً : ولكن هناك تعريفا رابعا لابناء العامة فَرَّ من القول بأن الذمّة شيء
__________________
(١) كتاب الحق والذمة ، ص ٨٦ ، عن الفقه الاسلامي في ثوبه الجديد ، ج ٣ ، ص ٢١٥.
(٢) الفقه الاسلامي في ثوبه الجديد ، ج ٣ ، ص ٢١٨.