وعاء للاموال الرمزية ، والعهدة وعاء للتكاليف وما يلزم على الانسان من اعمال » (١). ويمكننا القول بأنَّ بين الذمة والعهدة عموماً وخصوصاً من وجه حيث يجتمعان ، فيكون المال الكلي مرتبطا بالعهدة والذمة معاً كما في من اتلف مال غيره ، فقد انشغلت ذمته بالمال وانشغلت عهدته به لوجوب افراغ ذمّته واداء المال. وقد يفترقان بان تكون عندنا عهدة ( وعاء التكليف فقط ) من دون انشغال للذمّة ، كما في نفقة الاقارب الواجبة على الانسان ، فعهدة الانسان مشغولة بالنفقة بينما ذمّته ليست مشغولة بها ، ولذا لا ضمان عليه لو ترك فمات مثلا اذا لم تؤخذ هذه النفقة ـ التي عصى ولم يعطها الى مستحقها ـ من تركته.
وقد يكون عندنا ذمّة ولا يكون عندنا عهدة ، كما في الطفل الذي اتلف مال غيره مثلا فانشغلت ذمّته بالمال فقط ، ولا يكون على عهدته شيء لعدم تكليفه ـ وهو طفل ـ بشيء من التكاليف ، وكذا الامر في المجنون ، وكما لو استدان الطفل مالاً من كافر حربي ، فقد انشغلت ذمّته ، ولكن ليس على عهدته الاداء ، وبإمكانه أن يمتلك ما في ذمّته فيسقط عنه وتفرغ ذمّته (٢).
__________________
(١) فقه العقود ، للسيد الحائري ، ص ٤٥ ، مخطوط.
(٢) نسب بعض الكتّاب الى الامامية القول بأنّ الذمّة عبارة عن العهدة ، فقد قال صاحب نظريَّة العقد في الفقه الجعفري : « وقال الجعفريون في فقههم : إن الذمّة عبارة عن العهدة والى ذلك يشير الحديث عن النبي صلىاللهعليهوآله « على اليد ما أخذت حتى تؤدي » اي أن ما أخذته اليد يبقى في عهدتها الى ان تؤديه بنفسه او ببدله لو كان تالفا وقد تكرر هذا الاستعمال للذمَّة في جميع الموارد التي تعرض فيها الفقهاء للضمان ». نظرية لعقد في الفقه الجعفري ، لهاشم معروف الحسني ، ص ٥٧.
أقول : لقد خلط الكاتب خلطاً واضحاً ، اذ أعطى الذمّة معنى العهدة التي هي ظرف التكاليف الالهية ، فان وجوب الردّ حكم شرعي ظرفه العهدة ، واما الضمان فهو يكون لما اُخذ في الذمّة واحدهما غير الاخر كما هو واضح.
نعم : لقد ورد على لسان الفقهاء استعمال الذمّة بمعنى العهدة او العكس ، الا أنها استعمالات ليست دقيقة ،