الغرر وعزة الوجود. وعلى هذا فاذا كانت الصفة التي ذكرت في السلعة لتعيينها قد استقصيت فأدت الى عزة (١) الوجود ، فيمتنع فيها السلم ، وقد علل بانه يؤدي الى التنازع والفسخ فهو مناف للمطلوب من السلف.
وقد نقول : إن التعيين اذا ادى الى عزة الوجود ارتفع شرط ان تكون السلعة موجودة غالباً بحسب العادة وقت الحلول فيبطل السلم.
ومن الامثلة على التعيين في السلع التي يمتنع معها السلم ما اذا اشترط الأجود ، فإنَّ هذا العنوان غير منضبط ، اذ ما من جيد الا ويمكن وجود أجود منه.
وكذا اشتراط الاردأ : فان الاكتفاء ( في المرتبة الثانية من الرديء ، ودفع الاردأ إن وجد فقد تحققت الافضلية ، والا فدفع الجيد عن الرديء جائز وقبوله على المشتري لازم فيصح شرط الاردأ ) لا يفيد وذلك لان ضبط المسلَم فيه ( المبيع المؤجل ) يعتبر على وجه يمكن الرجوع اليه عن الحاجة سواء امتنع وجوده ام لا ، ومن جملة موارد الحاجة ما لو امتنع المسلَم اليه من دفعه ، فان الحاكم الشرعي يتدخل في أخذه قهراً ، وهو غير ممكن ، وذلك لان الجيد غير متعيّن عليه فلا يجوز لغير مالكه دفعه ، واما الرديء فما ممن رديء الا ويوجد اردأ منه ، فيتضح عدم الصحة في هذا العنوان.
نعم : اذا اشترط الجيد والرديء فهو امر جائز لامكان تحصيلهما بسهولة ، فان الواجب اقل ما يطلق عليه اسم الجيد ، فان زاد عنه زاد خيراً ، وكذا الرديء ، وكلما قلّل الوصف فقد احسن.
والخلاصة : فكل شيء لا يمكن ضبطه بالوصف بمعنى انه يبقى بعد بيان جنسه ونوعه وصفته وقدره جهالة فاحشة مفضية الى التنازع لا يصح فيه السلم. ولعل دليل ذلك هو ان السلم بيع ، فيكون المسلَم فيه مبيعاً ، والمبيع يحتاج الى أن يتعين بالتعيين ، فاذا كان التعين لا يعينه كما تقدم فلا يصح فيه السلم.
__________________
(١) المراد من عزّة الوجود ممتنعهُ.