وقد ارتأى هذا الرأي الامام مالك أيضاً فقد جاء في المدونة : « قلت فان كنتُ اسلفت في شعير فلما حلّ الاجل أخذت سمراء أو عمولة؟ قال : لا بأس بذلك وهو قول مالك ... ثم ذكر أن هذا انما يجوز بعد محل الاجل أن يبيعه من صاحبه الذي عليه السلف ولا يجوز أن يبيعه من غير صاحبه الذي عليه السلم. حتى يقبضه من الذي عليه السلف ... » (١).
وكذا ذهب إلى هذا القول الامام أحمد ، فقد جاء في مجموع الفتاوي : « سئل رحمهالله عن رجل أسلف خمسين درهماً في رطل من حرير إلى أجل معلوم ، ثم جاء الأجل فتعذر الحرير ، فهل يجوز أن يأخذ قيمة الحرير ؟ أو يأخذ عوضه أو أي شيء كان ؟ فأجاب : هذه المسألة فيها روايتان عن الامام أحمد : أحدهما لا يجوز الاعتياض عن دين السلم بغيره كقول الشافعي. والقول الثاني : يجوز ذلك كما يجوز في غير دين السلم وفي المبيع من الاعيان ... » (٢).
وقد استدل على ما نحن فيه بالحديث الذي يرويه ابن عمر رضياللهعنه قال : « كنت أبيع الابل بالنقيع ( بالنون سوق بالمدينة ، وبالباء مقبرتها ) فأتيت رسول الله صلىاللهعليهوآله وهو في بيت حفصة ، فقلت : يا رسول الله رويدك ، أسألك إني أبيع الابل بالنقيع فأبيع بالدنانير وآخذ بالدراهم ، وأبيع بالدراهم وآخذ بالدنانير ، آخذ هذه من هذه ؟ فقال رسول الله صلىاللهعليهوآله : لا بأس ان يأخذها بسعر يومها ما لم تتفرقا وبينكما شيء » (٣).
وهذا الحديث وإن كان في جواز الاعتياض عن الثمن بغيره مع أن الثمن مضمون على المشتري لم ينقل إلى ضمان البائع ، الا أنه استدُل به على جواز بيع المثمن الذي هو بيد البائع بغيره مع أنه مضمون على البائع لم ينقل إلى
__________________
(١) ج ٤ / ٣٤ ـ ٣٥.
(٢) مجموع الفتاوى ج ١٩ / ٥٠٣ ـ ٥١٨.
(٣) رواه أحمد في مسنده ، ج ٢ ، ٨٢ ـ ١٥٤.