رأس المال وانهاء هذه المعاملة ؟ أي بمعنى بيعها بأنقص من ثمنها.
والجواب : إذا كانت علة النهي في بيع المكيل أو الموزون قبل القبض هو أن لا يربح بدون ضمان ، فلابد من تجويز الحطيطة ، لأنّها ليست ربحً بدون ضمان ، ولكن لم يتّضح لنا أنّ المانع هو ذلك لانتقاضه بالسلعة السلمية إذا لم تكن مكيلة أو موزونة ، بالاضافة إلى أن بعض الروايات لم تجوّز الا البيع تولية أو الشركة بربح. وبما ان الحطيطة ليست تولية ولا شركة فلا تجوز. ولا يجوز بيعها قبل الاجل بالاولوية. إلاّ أنه يمكن القول في خصوص الروايات القائلة : « لا يجوز البيع الى تولية » بان المقصود هو العقد الاضافي اي بالاضافة الى المرابحة ، فحينئذ يكون المعنى بأن البيع بنحو المرابحة قبل القبض لا يجوز ، بل يلزم ان يكون تولية ، وليس المقصود أن الحطيطة لا تجوز. وعليه فيمكن الحكم بجواز الحطيطة تمسكاً بقاعدة : ( تجارة عن تراض ).
هذا كلّه في بيع المكيل والموزون قبل قبضه على غير بائعه ، اما إذا كان المشتري يريد بيع سلعته على نفس البائع بحطيطة ، لأنَّ سعر الحنطة الذي اشتراه قد تنزل فاصبح بعد الاجل قبل القبض أقل مما اشتراه إلى الاجل فهو جائز بل كلام لما سيأتي من جواز معاوضة السلعة المكيلة او الموزونة قبل قبضها بسعر يومها إذا وافق البائع على المعاوضة. وفي الحقيقة إنّ هذه ليست حطيطة عن الثمن ، بل هي معاوضة بسعر اليوم قبل القبض ، على مَنْ تكون السلعة المكيلة أو الموزونة في ذمته ، بل هي معاوضة بعد القبض لان ما في الذمة يكون مقبوضاً للمدين وان لم يكن مقبوضاً للدائن أو لفرد آخر. وقد ذكر الامام مالك جواز ذلك أيضاً فقال : « وما سلفت فيه من العروض إلى اجل من الآجال ، فاردت ان تبيعه من صاحبه فلا بأس ان تبيعه منه بمثل الثمن الذي دفعته إليه أو ادنى منه قبل محل الأجل ... » (١). اقول : ان هذا يختلف عن الاقالة بحطيطة لأنّه بيع ، بينما الحطيطة
__________________
(١) المدونة الكبرى ، ٤ / ٨٨.