البضاعة السلمية قبل الاجل او لا يمكنه من بيع المكيل او الموزون قبل القبض ، وهذا شيء صحيح الا أنّه هل يتمكن ان يهب هذه البضاعة السلمية لشخص آخر بشرط أن يهب الآخر له شيئاً معيناً ( وليكن كمية من المال ) ؟
الجواب : ذكرنا ان الهبة عقد مستقل يختلف عن البيع حتى وان كانت الهبة مشروطة بهبة الآخر له شيئاً آخر ، لان الهبة المعوضة ( المشروط فيها هبة الآخر كمية من المال ) عبارة عن التمليك الذي اشترط فيه العوض فهي ليست انشاء تمليك بعوض على جهة المقابلة ، لذا لا يكون تملك للعوض بمجرد هبة الواهب الى الموهوب له وتملكه ما وهب له ، بل غاية الامر ان الموهوب له بعد ان تملّك ما وهب له يجب عليه ان يعمل بالشرط فيملّك العوض ، فان لم يفعل كان للواهب الرجوع في هبته نتيجة اقتضاء عدم العمل بالشرط.
وعلى هذا فان التعويض المشترط في الهبة كالتعويض الغير المشترط في الهبة ، يكون عبارة عن تمليك جديد يُقصد به وقوعه عوضاً ، لا ان حقيقة المعاوضة والمقابلة مقصودة في كل من العوضين كما يتضح ذلك بملاحظة التعويض الغير المشترط في ضمن الهبة الاولى.
ولو كانت الهبة المعوضة هي تمليك بعوض على جهة المقابلة ، فلا يعقل تملّك احدهما لاحد العوضين من دون تملك الآخر للآخر ، مع ان ظاهر الفقهاء في الهبة المعوضة هو عدم تملّك العوض بمجرد تملّك الموهوب له الهبة كما تقدم.
اذن قد اتضح أن البيع يختلف عن الهبة المعوضة اختلافاً اساسياً حيث أن حقيقة البيع : تمليك العين بالعوض ، وهذا لا يكون هبة معوضة وإن قصدها. وحقيقة الهبة المعوضة : هي التمليك المستقل مع اشتراط العوض في تمليك مستقل يقصد به العوضية. وهذا ليس معاوضة حقيقية مقصودة في كل من العوضين ، وبهذا يبطل ما يقال من أن الهبة المعوضة هي بيع للاختلاف الحقيقي في معنييهما.
ولكن الذي يقف في وجه هذه العملية : ان الهبة لابدّ في صحتها من القبض ،