نقول : وواضح فساد هذا الاستدلال ، لأن الشبه بالمحرم لوحده لايسوّغ لنا أن نعطي حكم المحرم للشبيه ، إلاّ أن يكون الشبه من جميع الجهات ، وهنا الشبه ليس من جميع الجهات فهل يكفي هذا لإعطاء الحرمة لربا القرض ، على أن التحرز من شبهة الربا إذا كانت حكمية ( كما فيما نحن فيه كما يدعي ) فليست بواجبة.
وفيما أرى أن الدليل الذي ذكره السنهوري يعود الى القياس ، فقد قاسوا ربا القرض على الربا المنصوص العلة ، وهذا القياس يسمى في عرف المناطقة ( التمثيل ) وهو لايفيد الاحتمال ، نعم ، كلّما قويت وجوه الشبه قوى عندنا الاحتمال حتى يكون ظناً ، وهو في هذه الحالة لايخرج عن القيافة التي لاتغني من الحق شيئاً (١).
٢ ـ ومن أدلتهم على حرمة ربا القرض حديث سوار الذي أخرجه صاحب « بلوغ المرام » عن علي عليهالسلام وهو : « كل قرض جرّ نفعاً فهو ربا » ثم قالوا : اسناده ساقط. وسوار : متروك الحديث.
وهكذا أبعدوا القرآن الكريم ( الذي هو أساس التحريم للربا القرضي الذي كان معروفاً في الجاهلية ، عن أدلة الحرمة ، ولذا نجد من يقول بحلّيته ، مثل النمر وطنطاوي وغيرهما ، وقد سبقهم الى مثل هذه الدعوى الاستاذ معروف الدواليبي في محاضراته التي ألقاها في ( مؤتمر الفقه ) بباريس ، وقد ناقشناه في كتابنا : « الربا فقهياً واقتصادياً » (٢) مما لامزيد عليه. وذهب الى هذه الآراء المستشرق « مكسيم رودنسون » في كتابه : « الاسلام والرأسمالية » (٣) بل ادعى أكثر من ذلك بقوله : إن الآيات التي حرمت الربا تشير الى مضاعفة الدّين إذا عجز المدين عن الوفاء به في أجله. ثم قال : « ولعل تحريم الربا كأكثر نواهي القرآن ( وفي الوقت نفسه كأكثر أحكام الأديان الاخرى ) قاعدة عارضة دعت إليها ظروف مؤقتة ». وفيما
__________________
(١) راجع كتابنا « الربا فقهياً واقتصادياً » ص ٧٤ وما بعدها.
(٢) ص ٣٩٤ ومابعدها.
(٣) ترجمة نزيه الحكيم ص ٥٠.