ومنها : المروي عن زيد ، ونصه : « إنما كان الربا في الجاهلية في التضعيف وفي السن فيكون للرجل فضل دين ، فيأتيه إذا حلّ الأجل فيقول له تقضيني أو تزيدني ؟ فإن كان عنده شيء يقضيه قضى ، وإلاّ حوّل الى السن التي فوق ذلك » إن كانت ابنة مخاض يجعلها ابنة « لبون » في السنة الثانية ثم « حقه » ثم « جذعه » ثم « رباعياً » ثم هكذا الى فوق ، وفي العين ( النقد الذهبي والفضي ) يأتيه فإن لم يكن عنده ، أضعفه في العام القابل ، فإن لم يكن عنده أضعفه أيضاً ، فتكون مائة فيجعلها الى قابل مائتين ، فإن لم يكن عنده جعلها أربعمائة ، يضعفها له كل سنة أو يقضيه ، قال : فهذا قوله : « لا تأكلوا الربا أضعافاً مضاعفة » (١).
هكذا قصروا كل الآيات القرآنية على ربا الجاهلية ، بينما استدلالهم كما رأينا هو قصر آية ( أضعافاً مضاعفة ) على ربا الجاهلية. أما غيرها من الآيات فلم يرد في تفسيرها ذلك ، ولكن اشتبه الأمر عليهم فذهب قسم منهم الى أن الآيات القرآنية تحرم ربا الجاهلية فقط. وقد جرّ البحث بعضهم الى أن لفظة الربا المحلاة بالألف واللام ، هل هي للجنس أم للعهد ؟ ولكن هذا لا يجدي في حرمة الربا القرضي مادام الانصراف الى قسم خاص من الربا وهو ( الربا الجاهلي ) يمكن أن يُدعى في المقام.
كما نرى من الخطأ البحث في عموم لفظة الربا ، إذ لا عموم فيها كما هو واضح المراد من العموم المستفاد من اللفظ ، فإن اللفظة إذا كان فيها شمول فمن مقدمات الحكمة ، ولذلك من الخطأ البحث في أنها عامة أو خاصة ، كما نقل ذلك عن المفسّر القرطبي في « الجامع لأحكام القرآن » والفقيه الشافعي الكياهراسي في كتابه « أحكام القرآن » وهو مخطوط في مصر ، وقد نقل عبارته السيد محمد رشيد رضا في رسالته عن الربا ص ٢٤.
__________________
(١) « جامع البيان » ج ٤ ص ٩٠.