المال في خدمة التجارة والصناعة ، ويلبّي حاجاتها ويواكب نشاطها » (١).
وبما أننا لانفرق بين طبقة الرأسماليين والتجار وما يقوم به البنك العالمي اليوم من القرض بفائدة ، فإن البنوك أيضاً تقوم بالدور نفسه الذي يقوم به المرابي من التناقض بين مصالح رأس المال الربوي ومصالح التجارة والصناعة.
ثانياً : الى الحصول على مكسب آخر من تحريم الفائدة وهو وجود العزم والطمأنينة في المشاريع الضخمة الطويلة الأمد ، إذ أنَّ صاحب المال ـ بعد إلغاء الفائدة ـ لم يبق أمامه إلاّ أمل الربح ، وهذا يُحرّكه نحو المشاريع الضخمة المغرية بأرباحها ونتائجها ، خلافاً لحاله في المجتمع الربوي ، فإنه يفضل إقراض المال بفائدة على توظيفه في تلك المشاريع ، إذ أنَّ الفائدة مضمونة على أي حال ، كما أنه سوف يفضِّل أيضاً أن يقرض المال لأجل قصير ويتحاشى الإقراض لمدة طويلة لئلا يفوته شيء من سعر الفائدة ، إذا ارتفع في المستقبل القريب سعرها ، وبذلك يضطر المقرضون ( مادام أجل الوفاء قريباً ) الى استخدام أموالهم في مشاريع قصيرة الأمد حتى يتمكنوا من إعادة المبلغ في الوقت المحدد مع الفائدة المتفق عليها الى البنك أو الرأسمالي الكبير.
كما ان إباحة الفائدة تؤدي الى ضررين آخرين هما :
الأول : إن رجال الأعمال في ظل نظام الفائدة لن يقدموا على إقتراض المال من الرأسماليين وتوظيفه في مشروع تجاري أو صناعي ما لم تبرهن الظروف على أن بإمكانهم الحصول على ربح يزيد عن الفائدة التي يتقاضاها الرأسمالي ، وهذا يعيقهم عن ممارسة كثير من ألوان النشاط في كثير من الظروف ، كما يجمد المال في البنوك وعند الرأسماليين ، ويحرمه من المساهمة في الحق الاقتصادي ولايسمح له بأي لون من ألوان الإنفاق الإنتاجي أو الاستهلاكي ، الأمر الذي يؤدي الى عدم إمكان
__________________
(١) اقتصادنا ، للشهيد الصدر ص ٦٥٦.