ناحية المنتج ومن ناحية تنمية الاقتصاد ، فمن أراد التوسعة فعليه مراجعة الكتاب (١) ، إلاّ أننا هنا نستل من ذلك الفصل عنوان الأثر الفطري للربا لنجعله أمام الرأي العام ، ونقول للنمر وطنطاوي ومرسي ، إذا كان الربا حلالا فلماذا هذه الضجة عندما أقرضت امريكا بريطانيا قرضاً ربوياً ؟!
نقول : بعد الحرب العالمية الثانية عقدت اتفاقية ( برتين وود ) لَديْن كبير من قبل امريكا لبريطانيا ، ولكن بريطانيا قد تأثرت من هذا القرض الربوي على لسان كبار سياسيهم واقتصاديهم ، فمما قاله ( اللورد كينز ) بعد ان عقد الاتفاقية مع امريكا باعتباره ممثلاً للشعب الانجليزي : « لا أستطيع أن أنسى أبد الدهر ذلك الحزن الشديد ، والألم المرير الذي لحق بي من معاملة امريكا إيانا في هذه الاتفاقية ، فانها أبت أن تقرضنا شيئاً إلاّ بالربا ».
ومما قاله تشرشل : « إني لأتوجس خلال هذا السلوك العجيب المبني على الإثرة وحب المال الذي عاملتنا به امريكا ضروباً من الأخطار. والحق أن هذه الاتفاقية قد تركت أثراً سيئاً جداً فيما بيننا و بين امريكا من العلاقة ».
وقال اللورد والتن وزير المالية : « إن هذا العبء الثقيل الذي نخرج من الحرب وهو على ظهورنا ، جائزة عجيبة جداً نلناها على ما عانينا في الحرب من الشدائد والمشاق والتضحيات لأجل الغاية المشتركة ، وندع للمؤرخين في المستقبل أن يروا رأيهم في هذه الجائزة الفذة من نوعها ، التمسنا من امريكا أن تقرضنا قرضاً حسناً ولكنها قالت لنا جواباً على هذا : ما هذه بسياسة عملية » (٢).
الخلاصة : إن المرابين بالرغم من أنهم طفيليون على مائدة أموال الناس ، والمترقب أن يكون حظهم أقل من حظ أصحاب الموائد أنفسهم ، أصبح حظهم
__________________
(١) ص ٣٧٧.
(٢) الربا / للمودودي / ص ٤٣ ـ ٤٤.