يساوي خمسين ديناراً » بسبعين ديناراً يستلمها بعد ستّة أشهر مثلاً ، وبعد هذه العمليّة من قبل التاجر ، لماذا نقول يجب تدارك الضرر الذي وقع على البائع نتيجة نقصان الثمن بسبب التضخّم ؟! على أنّ التضخّم الذي نجده في بعض البلدان لا نقطع باستمراره على مدى السنين والأيّام ، إذ من الممكن أن يتحسّن اقتصاد الدولة ويكثر انتاجها فيقف التضّخم ، أو يتحسّن نقدها كما حدث لبعض بلدان العالم.
وكما قلنا سابقاً ـ أيضاً ـ إنّ ازدياد قيمة النقد الذهبي أو الفضّي أو الورقي أو إزدياد قيمة القرض هو محتمل أيضاً نتيجة لفعل السماء أو فعل الإنسان ، فكما في صورة تحسّن قيمة النقد لا يكون المشتري مسؤولاً عن قيمة النقد سابقاً وإنّما هو مسؤول عن نفس النقد ، كذلك في صورة نقيصة قيمة النقد أو القرض يكون المشتري مسؤولاً عمّا في ذمّته من النقد أو القرض.
ثمّ إنّ المشتري عندما يشتري شيئاً على أن يكون ثمنه مؤجلاً إلى ستّة أشهر ، ففي الحقيقة أنّ البائع يملك في ذمّة المشتري هذه الكميّة من النقود حين حلول الأجل ، ومعنى ذلك أنّه لا يملكها حين العقد ملكيّة مطلقة حتّى يستوجب أن يقول : إنّ قيمة هذه النقود حين العقد كان أكبر من القيمة الشرائيّة حين الأجل فيطالب بالزيادة على حسب القيمة الشرائيّة حين العقد ، إذ أنّه يملكها ملكيّة مقيّدة بالأجل « بعد ستة أشهر » فهو كأنّه يملك قيمة النقود حين الأجل ، لا حين العقد ، وبهذا تبطل المشكلة المتصوّرة هنا بالكليّة ، وعلى فرض وجود تصوّر المشكلة نقول :
إنّ البائع والمشتري أقدما على أن يكون المشتري ضامناً لكميّة النقد أو القرض ، وقد أقرّ الشارع هذه المعاملة ، ولا يوجد أي نص يقول إنّ على المشتري أن يدفع القيمة الشرائيّة للنقد أو للقرض فيتحمل النقص إذا نقصت القيمة الشرائيّة ، على أنّ لازم هذا القول أن نقول بأنّ القيمة الشرائيّة للنقد إذا تحسّنت فيجوز للمشتري أن يدفع أقل ممّا اتفقا عليه وإن لم يرض البائع ، وهذا ممّا لم يقل به أحد من الفقهاء.