وبعبارة اخرى كأن البائع يقول : إذا سددت المبلغ الآن فهو بدرهم ، وإن سددته بعد شهر فهو بدرهمين ، فيكون درهم واحد في مقابل الإنساء ( الأجل ) ، وإن سددت المبلغ بعد شهرين فلابد من اعطاء درهمين في مقابل الأجل ، وهذا هو حقيقة الربا الجاهلي الذي هو عبارة عن « أتقضي ام تربي » او « أنظرني أزدك » وهو عمل حرام من قبل البائع ويحرم على المشتري قبوله ، أما إنّ العقد ـ بعد أن حرمت هذه العملية ـ فهل هو باطل ام لا ؟ فلا تقول الروايات الناهية بذلك ، وحينئذ تأتي الروايات القائلة للبائع أقل الثمنين الى أبعد الأجلين فتقول : إن البيع صحيح على أن يأخذ البائع أقل الثمنين الى أبعد الأجلين ، وهذا هو مورد التعبد بالروايات فتكون ملزمة للطرفين. ومعنى ان هذا هو مورد التعبد بالروايات ، هو ان القاعدة تقول : إن حِلّ المال الآخرين متوقف على الرضا وطيب النفس ، اما الاكل والتصرف في المال لا عن تراض هو اكل للمال بالباطل فلا يجوز ، ولكن في هذه الصورة حَكَمَ الشارع بأنَّ البائع القائل ( نقداً بكذا ونسيئة بكذا ) نلزمه بان يكون له اقل الثمنين لأبعد الاجلين ، وهذا لم يرض به ، ولم تقع المعاملة عليه ، فإذا الزمناه به كان هذا على وفق تخصيص هذه القاعدة ( لا يحل مال المسلم إلاّ بطيب نفسه ورضاه ) بغير هذه الصورة. او نقول : إن الروايات تقول : اذا وقع العقد على نحو الترديد ، وقبل المشتري العقد على هذا الوجه ، وانتهت المدة ، « فبما أن شرط الزيادة في مقابل الأجل باطلة ، لم يبق إلاّ استحقاق البائع الأقل ، وبما أنه لم يقبضه قبل الآن فالآن له حق أخذ الاقل عند انتهاء أبعد الأجلين » وهذا القول لا يلزم البائع بالاقل عند عدم انتهاء ابعد الأجلين ، بينما القول الاول يلزمه كما هو ظاهر الروايات.
الخلاصة :
١ ـ إن ادلة النهي عن اشتراط هذا الشرط ( نقداً بكذا ونسيئة بكذا ) تدل على أن هذا الشرط في هذا البيع حرام ، ويحرم قبوله من قبل المشتري ايضاً ، إلاّ أن هذه الروايات لا تقول إن البيع فاسد.