.................................................................................................
______________________________________________________
أحدهما : تنزيل النائب نفسه منزلة المنوب عنه ، فكأنّه هو هو ، وكأنّ فعله هو فعله.
ثانيهما : إضافة العمل إليه والإتيان به بقصد ما ثبت في ذمّته ، نظير التبرّع بأداء الدين.
أمّا الوجه الأوّل : وهو التنزيل ، فإنّما ينفع ويترتّب عليه الأثر إذا صدر ممّن بيده الجعل والاعتبار ، فإنّه مجرّد ادعاء وفرض أمر على خلاف الواقع ، فلا يملكه إلّا من بيده زمام الأُمور ، وهو الشارع الأقدس ، ولا يكاد يصح ذلك من آحاد المكلّفين الذين هم بمعزل عن مقام التشريع ، والمفروض عدم قيام دليل على التنزيل في خصوص المقام.
ثمّ إنّه على تقدير التسليم بتصدّي الشارع للتنزيل في المقام فلازمه أن يكون الفعل الصادر من النائب بذاته بمثابة الفعل الصادر عن المنوب عنه ، من دون حاجة إلى اعتبار قصد النائب ذلك ، بل حتّى وإن كان المباشر للعمل قد قصد الإتيان بالفعل عن نفسه ، فانّ المفروض هو تنزيل نفسه منزلة المنوب عنه فيكون هو هو وفعله فعله. وهو كما ترى ، لا يظنّ الالتزام به من أحد ، بل هو باطل جزماً.
نعم ، ورد نظيره في من سنّ سنّة حسنة أو سيّئة ، وأنّ له أجرها وأجر من عمل بها أو وزرها ووزر من عمل بها ، فيؤجر الإنسان أو يحمل الوزر بمجرّد صدور الفعل المذكور عن غيره ممّن تبعه وإن لم يقصد التابع عنه. لكن ذلك إنّما يرتبط بمقام الجزاء على العمل والثواب والعقاب ، ولا يرتبط بمرحلة استناد العمل نفسه وحصول تفريغ ذمّة الغير به كما هو محلّ الكلام.
وعلى الجملة : إن أُريد تحقّق التنزيل المذكور من قبل الشارع فلا دليل عليه وإن أُريد تحقّقه من قبل المكلّف نفسه فلا يكاد يترتّب عليه الأثر. فالتنزيل بالمعنى المتقدّم لا محصّل له ، اللهم إلّا أن يرجع ذلك إلى الوجه الثاني.
وأمّا الوجه الثاني : وهو إضافة الفعل وإسناده إلى المنوب عنه والإتيان به بقصد أدائه عنه وبداعي تفريغ ذمّته ، نظير التبرّع بأداء دين الغير ، فهذا في حدّ