تجارته من الدنيا كتجارة أبيه عمر بن الخطّاب ، فاقرأ عليه ـ يا بنيّ ـ منك السلام وابعث إليه بعطاياه موفرة مهنأة.
وأمّا عبد الله بن الزبير فما أخوفني منه عنتاً فإنّه صاحب خلل في القول ، وزلل في الرأي ، وضعف في النظر ، مفرّط في الاُمور ، مقصّر عن الحقّ ، وإنّه ليجثو لك كما يجثوا الأسد في عرينه ، ويراوغك روغان الثعلب ، فإذا أمكنته منك فرصة لعب بك كيف شاء ، فكن له ـ يا بنيّ ـ كذلك ، واحذه كحذو النعل بالنعل ، إلا أن يدخل لك في الصلح والبيعة فأمسك عنه واحقن دمه ، وأقمه على ما يريد.
وأمّا الحسين بن عليّ ، فأوه أوه يا يزيد ، ماذا أقول لك فيه؟ فاحذر أن تتعرّض له إلا بسبيل خير ، وامدد له حبلاً طويلاً ، وذره يذهب في الأرض كيف يشاء ، ولاتؤذه ولكن أرعد له وأبرق ، وإيّاك والمكاشفة له في محاربة بسيف أو منازعة بطعن رمح ، بل أعطه وقرّبه وبجّله ، فإن جاء إليك أحد من أهل بيته فوسّع عليهم وأرضهم ، فإنّهم أهل بيت لا يسعهم إلا الرضا والمنزلة الرفيعة.
وإياك ـ يا بنيّ ـ أن تلقى الله بدمه فتكون من الهالكين ، فقد حدّثني ابن عبّاس ، فقال : حضرت رسول الله صلىاللهعليهوآله عند وفاته وهو يجود بنفسه وقد ضمّ الحسين إلى صدره وهو يقول : هذا من أطائب أرومتي ، وأبرار عترتي ، وخيار ذرّيّتي ، لا بارك الله فيمن لم يحفظه من بعدي.
قال ابن عبّاس : ثمّ اُغمي على رسول الله ساعة ثمّ أفاق فقال : يا حسين ، إنّ لي ولقاتلك يوم القيامة مقاماً بين يدي ربّي وخصومة ، وقد طابت نفسي إذ جعلني الله خصماً لمن قاتلك يوم القيامة.
يا بنيّ ، فهذا حديث ابن عبّاس وأنا اُحدّثك عن رسول الله صلّى الله عليه