ووضعت الحقّ في غير محلّه ، ونكثت ما عاهدت عليه الرسول في أهله وأظهرت فيهم الأجناد ، ورمتهم عن قوس واحدة دون العباد ، ومنعت الزهراء نحلتها من والدها ، وردّت شهادة شاهدها ، ولطموا خدّها وخلّوا جدّها ، حتّى ماتت بغصّتها من قولهم وفعلهم ، وأوصت أن تدفن ليلاً من أجلهم.
يا ويلهم ممّا ارتكبوا من ظلم آل نبيّهم ، واحتقبوا من غصب حقّ وليّهم ، جعلوا الضرير يقود مبصرهم ، والضليل الشرّير حبرهم وخيّرهم ، والكذوب على الله ورسوله زعيمهم وصدّيقهم ، الظلوم لآل وليّهم وفاروقهم ، فضلّوا وأضلّوا ، وزلّوا وأزلّوا ، وسلكوا منهاج الشرك ، وأظهروا كلمة الكبر ، وارتدّوا عن الدين الحنيف ، وباعوا الآخرة بالنزر الطفيف.
فأبعدهم الله كما بعدت ثمود ، وأوردهم النّار وبئس الورد المورود ، ذلك بأنّهم اتّخذوا آيات الله هزواً ولعباً ، وافتروا على الله كذباً ، فأبوا شرّ مآب ، ونكصوا على الأعقاب ، حتّى إذا اُكملت العدّة ، وانقضت المدّة ، وأرهقتهم سعور وقدموا على ما قدموا من موبقات الذنوب وتكدّر من دار غرورهم ما راق وصفا ، ورأوا المجرون النّار فظنّوا أنّهم مواقعوها ولم يجدوا عنها مصرفاً.
قد تهيّأت ملائكة العذاب لعذابهم ، وسجّرت دركات النيران لعقاقهم ، وحاق بهم ما كانوا بهم يستهزئون ، وردّوا إلى الله مولاهم الحقّ وضلّ عنهم ما كانوا يفترون ، وشاهدوا كتاب عملهم قد أحصى ما اقترفوه حساباً وعدواً قالوا : يا ويلتنا ما لهذا الكتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلّا أحصاها؟! ووجدوا ما عملوا حاضراً ولا يظلم ربّك أحداً هنالك تشتمل أعناقهم الأغلال بجوامعها ، وتنتابهم الزبانية بمقامعها ، ويلقون في شرّ سجن يشرف عليهم إبليس فيلعنهم ، وتطلع إليهم عبدة الأوثان فتوبّخهم ، لا فترة من ريحة عقابها ، ولا يقضى عليهم