من صدّ ، وفضّله نبيّنا طه على سائر الأنبياء ، فقبل من قبل ، وردّ من ردّ ، وائتمنه صلىاللهعليهوآله على تأدية براءة يوم الحجّ الأكبر وأن يفيد إلى المشركين عهدهم ، فأقرّ الله عيون المؤمنين في ذلك اليوم بنور فرقانه ، وأعلى مجده وأثنى عليه في محكم تنزيله.
فما عسى أن يقول البلغاء والشعراء في وصفه ، وآتاه ملكاً يفوق ملك صاحب النمل وأيّده بلطفه ، قصص الذكر في بدر واُحد بذكر شجاعته ناطقة ، وأحاديث مصير دين الشرك كالعنكبوت يوم كسرة الأصنام صادقة ، وللذكر موافقة ، بطلت أبطال فارس والروم عند ذكر شدّته وقوّته ، وغدت حكمة لقمان كالقطرة في اليمّ في جنب حكمته ، وامرت أحكام البلاغة بالسجدة لكعبة بلاغته.
كم سبا بفاطر حسامه في حروبه من المشركين ذرّيّة ونساء؟ وكم أباح الله للفقراء والمساكين من فيض أكفّه ثراء وغناء ، ( وَكُلَّ شَيءٍ أحْصَيْنَاهُ فِي إمَامٍ مُبِينٍ ) (١) راية مجده ، ( وَقِفُوهُمْ إنَّهُمْ مَسْؤُولُونَ ) (٢) في سورة الصافّات آية عهده.
كم صاد بثعلب رمحه في حروبه أسداً ، وفرّق زمراً؟ وكم أغنى بطوله عائلاً ، وآثر فيه من صنائعه أثراً؟ في الذكر الحكيم آيات مناقبه فصلّت ، وفي سورة الشورى تفاصيل مراتبه اُجملت ، زخرف حجّ أعدائه كالدخان يعلو ثمّ يذهب جفاء ، وأعلام شريعته تسمو إذ غيرها تصير هباء.
لمّا جعله سبحانه صاحب أحقاف الأعراف في الاُخرى ، وأيّده في قتاله
__________________
١ ـ سورة : يس : ١٢.
٢ ـ سورة الصافات : ٢٤.