ولم تشركنا فيها؟ فأعلمته أنّي كنت بمكّة ، وأنّي قد جئتك الآن ، وسايرته ونحن نتحدّث حتّى أتى الكناس ، فوقف وقوفاً كأنّه منتظر لشيء ، وقد كان اُخبر بمكان حرملة بن كاهلة لعنه الله ، فوجّه في طلبه ، فلم نلبث أن جاء قوم يركضون وقوم يشدّون حتّى قالوا : أيّها الأمير ، البشارة ، قد اُخذ حرملة بن كاهلة ، فما لبثنا أن جيء به ، فلمّا نظر إليه المختار قال لحرملة : الحمد لله الّذي مكّنني منك ، [ ثمّ ] (١) قال : الجزّار الجزار ، فُاتي بجزّار ، فقال له : اقطع يديه ، فقطعتا ، ثمّ قال : اقطع رجليه ، فقطعتا ، ثمّ قال : النّار النار ، فاُتي بنار وقصب فاُلقي عليه فاشتعلت فيه النار.
فقلت : سبحان الله! سبحان الله!
فقال : يا منهال ، إنّ التسبيح لحسن ، ففيم سبّحت؟
فقلت : أيّها الأمير ، دخلت في سفرتي هذه منصرفي من مكّة على عليّ ابن الحسين عليهالسلام ، فقال : يا منهال ، ما فعل حرملة بن كاهلة؟ قلت : تركته حيّاً بالكوفة ، فرفع يديه جميعاً وقال : اللّهمّ أذقه حرّ الحديد ، اللّهمّ أذقه حرّ الحديد ، اللّهمّ أذقه النّار ، اللّهمّ أذقه حرّ النار.
فقال المختار : أسمعت عليّ بن الحسين عليهالسلام يقول هذا؟
فقلت : والله لقد سمعته يقول هذا ، فنزل عن دابّته وصلّى ركعتين وأطال السجود ، ثمّ قام وركب ، وقد احترق حرملة ، وركبت معه وسرنا ، فحاذيت داري ، فقلت أيّها الأمير ، إن رأيت أن تشرّفني وتكرّمني وتنزل عندي وتحرم بطعامي.
__________________
١ ـ من الأمالي.