ولكنّها الدّاهية الكبرى يركب جملها ، ويذلّ صعبها ، ويسهّل جبلها. فاعقل عقلك (١) واملك أمرك ، وخذ نصيبك وحظّك. فإن كرهت فتنحّ إلى غير رحب ولا فى نجاة ، فبالحرىّ لتكفينّ وأنت نائم (٢) حتّى لا يقال : أين فلان؟ واللّه إنّه لحقّ مع محقّ ، وما أبالى ما صنع الملحدون ، والسّلام.
٦٤ ـ ومن كتاب له عليه السّلام
إلى معاوية ، جوابا
أمّا بعد ، فإنّا كنّا نحن وأنتم على ما ذكرت من الألفة والجماعة ففرّق بيننا وبينكم أمس أنّا آمنّا وكفرتم ، واليوم أنّا استقمنا وفتنتم ، وما أسلم مسلمكم إلاّ كرها (٣) ، وبعد أن كان أنف الإسلام كلّه لرسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلم حزبا.
وذكرت أنّى قتلت طلحة والزّبير ، وشرّدت بعائشة (٤) ، ونزلت المصرين!
__________________
(١) قيده بالعزيمة ، ولا تدعه يذهب مذاهب التردد من الخوف
(٢) «لتكفين» بلام التأكيد ونونه ، أى : إنا لنكفيك القتال ونظفر فيه وأنت نائم خامل لا اسم لك ولا يسأل عنك ، نفعل ذلك بالوجه الحرى ـ أى : الجدير ـ بنا أن نفعله.
(٣) فان أبا سفيان إنما أسلم قبل فتح مكة بليلة ، خوف القتل ، وخشية من جيش النبى صلّى اللّه عليه وسلم البالغ عشرة آلاف ونيف ، وأنف الاسلام : أشراف العرب الذين دخلوا فيه قبل الفتح
(٤) شرد به : سمع الناس بعيوبه ، أو اطرده وفرق أمره ، والمصران : الكوفة والبصرة