٦٥ ـ ومن كتاب له عليه السّلام
إليه أيضا
أمّا بعد ، فقد آن لك أن تنتفع باللّمح الباصر من عيان الأمور (١) فقد سلكت مدارج أسلافك بادّعائك الأباطيل ، وإقحامك غرور المين والأكاذيب (٢) ، وبانتحالك ما قد علا عنك (٣) ، وابتزازك لما اختزن دونك ، فرارا من الحقّ ، وجحودا لما هو ألزم لك من لحمك ودمك (٤) : ممّا قد وعاه سمعك ، وملئ به صدرك ، فما ذا بعد الحقّ إلاّ الضّلال المبين ، وبعد البيان إلاّ اللّبس (٥)؟ فاحذر الشّبهة واشتمالها على لبستها ، فإنّ الفتنة طالما أغدفت جلابيبها (٦) ، وأعشت الأبصار ظلمتها
__________________
(١) يقال «لأرينك لمحا باصرا» أى : أمرا واضحا ، أى : ظهر الحق فلك أن تنتفع بوضوحه من مشاهدة الأمور
(٢) إقحامك : إدخالك فى أذهان العامة غرور المين ، أى : الكذب ، وعطف الأكاذيب للتأكيد
(٣) انتحالك : ادعاؤك لنفسك ما هو أرفع من مقامك ، و «ابتزازك» أى : سلبك أمرا اختزن ـ اى : منع ـ دون الوصول إليك ، وذلك أمر الطلب بدم عثمان والاستبداد بولاية الشام ، فانهما من حقوق الامام لا من حقوق معاوية
(٤) الذى هو ألزم له من لحمه ودمه البيعة بالخلافة لأمير المؤمنين
(٥) اللبس ـ بالفتح ـ : مصدر «لبس عليه الأمر يلبس» كضرب يضرب ـ أى : خلطه ، وفى التنزيل : «وَلَلَبَسْنٰا عَلَيْهِمْ مٰا يَلْبِسُونَ» ، واللبسة ـ بالضم ـ : الاشكال كاللبس ، بالضم.
(٦) أغدفت المرأة قناعها : أرسلته على وجهها فسترته ، وأغدف الليل : أرخى