فى الدّنيا [الذّلّ و] الخزى (١) وهو فى الآخرة أذلّ وأخزى ، وإنّ أعظم الخيانة خيانة الأمّة ، وأفظع الغشّ غشّ الأئمّة ، والسّلام.
٢٧ ـ ومن عهد له عليه السلام
إلى محمد بن أبى بكر ، [رضى اللّه عنهما] حين قلده مصر
فاخفض لهم جناحك ، وألن لهم جانبك ، وابسط لهم وجهك ، وآس (٢) بينهم فى اللّحظة والنّظرة ، حتّى لا يطمع العظماء فى حيفك لهم ، ولا ييأس الضّعفاء من عدلك عليهم ، فإنّ اللّه تعالى يسائلكم معشر عباده عن الصّغيرة من أعمالكم والكبيرة ، والظّاهرة والمستورة : فإن يعذّب فأنتم أظلم ، وإن يعف فهو أكرم.
واعلموا ، عباد اللّه ، أنّ المتّقين ذهبوا بعاجل الدّنيا وآجل الآخرة ، فشاركوا أهل الدّنيا فى دنياهم ، ولم يشاركهم أهل الدّنيا فى آخرتهم : سكنوا الدّنيا بأفضل ما سكنت ، وأكلوها بأفضل ما أكلت ، فحظوا من الدّنيا بما حظى به المترفون (٣) وأخذوا منها ما أخذ [ه] الجبابرة المتكبّرون ، ثمّ انقلبوا
__________________
(١) جمع خزية ـ بفتح الخاء ـ أى : بلية ، والجمع بضم ففتح كنوبة ونوب.
(٢) آس : أمر من «آسى» بمد الهمزة ـ أى : سوى ، يريد اجعل بعضهم أسوة بعض ، أى : مستوين ، و «حيفك لهم» أى : ظلمك لأجلهم. يطمعون فى ذلك إذا خصصتهم بشىء من الرعاية
(٣) المترفون : المنعمون ، فان المتقى يؤدى حق اللّه وحقوق العباد ويتلذذ بما آتاه اللّه من