٤٥ ـ ومن كتاب له عليه السّلام
إلى عثمان بن حنيف الأنصارى ، وهو عامله على البصرة
وقد بلغه أنه دعى إلى وليمة قوم من أهلها فمضى إليها
أمّا بعد يا ابن حنيف : فقد بلغنى أنّ رجلا من فتية أهل البصرة دعاك إلى مأدبة فأسرعت إليها تستطاب لك الألوان ، وتنقل إليك الجفان (١)! وما ظننت أنّك تجيب إلى طعام قوم عائلهم مجفوّ (٢) ، وغنيّهم مدعوّ ، فانظر إلى ما تقضمه من هذا المقضم (٣) فما اشتبه عليك علمه فالفظه (٤) ، وما أيقنت بطيب وجوهه (٥) فنل منه.
ألا وإنّ لكلّ مأموم إماما يقتدى به ويستضىء بنور علمه ، ألا وإنّ إمامكم
__________________
(١) المأدبة ـ بفتح الدال وضمها ـ : الطعام يصنع لدعوة أو عرس ، تستطاب : يطلب لك طيبها ، والألوان : أصناف الطعام ، والجفان ـ بكسر الجيم ـ : جمع جفنة ، وهى القصعة
(٢) عائلهم : محتاجهم ، «مجفو» أى : مطرود من الجفاء
(٣) قضم ـ كسمع ـ : أكل بطرف أسنانه ، والمراد الأكل مطلقا. والمقضم ـ كمقعد ـ : المأكل ، وقدم أعرابى على ابن عم له بمكة فقال : إن هذه بلاد مقضم ، وليست ببلاد مخضم. الخضم ـ بالخاء ـ الأكل بجميع الفم ، والقضم ـ بالقاف ـ دون ذلك ، وقولهم : يبلغ الخضم بالقضم ، أى : إن الشبعة قد تدرك بالأكل بأطراف الفم ، وهم يريدون بذلك أن الغابة البعيدة قد تدرك بالرفق
(٤) اطرحه حيث اشتبه عليك حله من حرمته
(٥) يطيب وجوهه : بالحل فى طرق كسبه