وداول لهم بين القسوة والرّأفة (١) وامزج لهم بين التّقريب والادناء ، والابعاد والاقصاء ، إن شاء اللّه :
٢٠ ـ ومن كتاب له عليه السّلام
إلى زياد بن أبيه ، وهو خليفة عامله عبد اللّه بن عباس على البصرة ، وعبد اللّه عامل أمير المؤمنين [عليه السلام] يومئذ عليها وعلى كور الأهواز وفارس وكرمان (٢)
وإنّى أقسم باللّه قسما صادقا لئن بلغنى أنّك خنت من فىء المسلمين شيئا صغيرا أو كبيرا (٣) لأشدّنّ عليك شدّة تدعك قليل الوفر ، ثقيل الظّهر ، ضئيل الأمر ، والسّلام.
__________________
(١) «داول بينهم» أى : مرة هكذا ، ومرة هكذا ، أمره أن يسلك معهم منهجا متوسطا : لا يدينهم كل الأدناء ، ولا يبعدهم كل البعد.
(٢) كور : جمع كورة ، وهى الناحية المضافة إلى أعمال بلد من البلدان ، والأهواز : تسع كور بين البصرة وفارس
(٣) فيئهم : ما لهم من غنيمة أو خراج ، والوفر : المال ، والضئيل : الضعيف النحيف ، وقوله «لأشدن عليك شدة» هو فى المعنى كقولك : لأحملن عليك حملة ، والمراد تهديده بالأخذ واستصفاء المال ، ثم وصف تلك الشدة فقال : إنها تتركك قليل الوفر ، أى : أفقرك بأخذ ما احتجنت من بيت مال المسلمين ، و «ثقيل الظهر» أى : مسكين لا تقدر على مؤنة عيالك ، و «ضئيل الأمر» أى : حقير ، لأنك إنما كنت نبيها بين الناس بالغنى والثروة ، فاذا افتقرت صغرت عندهم وتقحمتك أعينهم