٦٧ ـ ومن كتاب له عليه السّلام
إلى قثم بن العباس ، وهو عامله على مكة
أمّا بعد ، فأقم للنّاس الحجّ ، وذكّرهم بأيّام اللّه (١) ، واجلس لهم العصرين فأفت المستفتى ، وعلّم الجاهل ، وذاكر العالم ، ولا يكن لك إلى النّاس سفير إلاّ لسانك ، ولا حاجب إلاّ وجهك ، ولا تحجبنّ ذا حاجة عن لقائك بها فانّها إن ذيدت عن أبوابك فى أوّل وردها (٢) لم تحمد فيما بعد على قضائها وانظر إلى ما اجتمع عندك من مال اللّه فاصرفه إلى من قبلك (٣) من ذوى العيال والمجاعة مصيبا به مواضع الفاقة والخلاّت ، وما فضل عن ذلك فاحمله إلينا لنقسمه فيمن قبلنا ومر أهل مكّة أن لا يأخذوا من ساكن أجرا ، فانّ اللّه سبحانه يقول : «سَوٰاءً اَلْعٰاكِفُ فِيهِ وَاَلْبٰادِ» فالعاكف : المقيم به ، والبادى : الّذى يحجّ إليه
__________________
(١) أيام اللّه التى عاقب فيها الماضين على سوء أعمالهم ، والعصران : الغداة والعشى ، تغليب
(٢) فانها ـ أى : الحاجة ـ إن ذيدت ـ أى : دفعت ومنعت ، مبنى للمجهول من «ذاده يذوده» إذا طرده ودفعه ، ووردها ـ بالكسر ـ : ورودها ، وعدم الحمد على قضائها بعد الذود لأن حسنة القضاء لا تذكر فى جانب سيئة المنع
(٣) قبلك ـ بكسر ففتح ـ أى : عندك ، و «مصيبا» حال. والفاقة : الفقر الشديد. والخلة ـ بالفتح ـ : الحاجة.