٩ ـ ومن كتاب له عليه السّلام
إلى معاوية
فأراد قومنا قتل نبيّنا ، واجتياح أصلنا (١) وهمّوا بنا الهموم ، وفعلوا بنا الأفاعيل ، ومنعونا العذب ، وأحلسونا الخوف ، واضطرّونا إلى جبل وعر ، وأوقدوا لنا نار الحرب ، فعزم اللّه لنا على الذّبّ عن حوزته (٢) ، والرّمى من وراء حرمته : مؤمننا يبغى بذلك الأجر ، وكافرنا يحامى عن الأصل ، ومن أسلم من قريش خلوا ممّا نحن فيه بحلف يمنعه ، أو عشيرة تقوم دونه ، فهو من القتل بمكان أمن (٣). وكان رسول اللّه ، صلّى اللّه عليه وآله وسلم ، إذا احمرّ البأس (٤) ، وأحجم
__________________
(١) يحكى معاملة قريش للنبى صلّى اللّه عليه وآله وسلم فى أول البعثة ، والاجتياح : الاستئصال والاهلاك و «هموا الهموم» : قصدوا نزولها ، والأفاعيل : جمع أفعولة ، وهى الفعلة الرديئة ، والعذب : هنى العيش ، وأحلسونا : ألزمونا ، واضطرونا : ألجأونا ، والجبل الوعر : الصعب الذى لا يرقى إليه ، كناية عن مضايقة قريش لشعب أبى طالب حيث جاهروهم بالعداوة وحلفوا لا يزوجونهم ولا يكلمونهم ولا يبايعونهم وكتبوا على ذلك عهدهم عداوة للنبى صلّى اللّه عليه وآله وسلم
(٢) عزم اللّه : أراد لنا أن نذب عن حوزته ، والمراد من الحوزة هنا : الشريعة الحقة ، ورمى من وراء الحرمة : جعل نفسه وقاية لها يدافع السوء عنها فهو من ورائها أو هى من ورائه.
(٣) كان المسلمون من غير آل البيت آمنين على أنفسهم : إما بتحالفهم مع بعض القبائل ، أو بالاستناد إلى عشائرهم
(٤) احمرار البأس : اشتداد القتال ، والوصف لما يسيل فيه من الدماء. وحر الأسنة ـ بفتح الحاء ـ : شدة وقعها.