الدّعسى (١) ، والضّرب الطّلحفى ، وأميتوا الأصوات فإنّه أطرد للفشل ، فو الّذى فلق الحبّة ، وبرأ النّسمة ، ما أسلموا ، ولكن استسلموا ، وأسرّوا الكفر ، فلمّا وجدوا أعوانا عليه أظهروه!!
١٧ ـ ومن كتاب له عليه السّلام
إلى معاوية ، جوابا عن كتاب منه إليه
فأمّا طلبك إلىّ الشّام (٢) ، فإنّى لم أكن لأعطيك اليوم ما منعتك أمس ،
__________________
(١) الدعسى : اسم من الدعس ـ أى : الطعن الشديد ـ ، وتقول : دعست الوعاء ـ من باب منع ـ إذا حشوته ، أى : الطعن الذى يحشى به أجواف الأعداء والطلحفى ـ بفتحتين فسكون ففتح ، وضبطه ابن أبى الحديد بكسر الطاء وفتح اللام ، وذكر أن اللام زائدة ، والضبطان صحيحان ، وقال فى القاموس : كبرطيل وسمند وجردحل وسبحل وحبركى وقرطاس ، أى : ضربا شديدا ... واللام أصلية لذكرهم الطلحفى فى باب فعلى مع حبركى ، ووهم الجوهرى اه ـ : أشد الضرب ، وإماتة الأصوات : انقطاعها بالسكوت ، وإنما أمرهم باماتة الأصوات لأن شدة الضوضاء فى الحرب أمارة الخوف والوجل والاضطراب
(٢) كتب معاوية إلى على يطلب منه أن يترك له الشام ويدعوه للشفقة على العرب الذين أكلتهم الحرب ولم يبق منهم إلا حشاشات أنفس ، جمع حشاشة ـ بالضم ـ : وهى بقية الروح ، ويخوفه باستواء العدد فى رجال الفريقين ، ويفتخر بأنه من أمية وهو وهاشم من شجرة واحدة ، فأجابه أمير المؤمنين بما ترى. ويقال : طلبت إلى فلان كذا ، والتقدير طلبت كذا راغبا إلى فلان ، كما قال تعالى : «فِي تِسْعِ آيٰاتٍ إِلىٰ فِرْعَوْنَ» أى : مرسلا إليه ، وقوله «ألا ومن أكله الحق فالى الجنة» هكذا هو فى أكثر النسخ ، والمراد بها من مات فى سبيل نصرة الحق فيكون الحق هو الذى عرضه لأكل الباطل إياه ، فنسب الأكل إليه تجوزا ، وجعله ابن أبى الحديد على تقدير «من أكله أعداء الحق» وفى بعض النسخ «من أكله الحق فالى النار» ولا تجوز