٢٦ ـ ومن عهد له عليه السلام
إلى بعض عماله ، وقد بعثه على الصدقة
آمره بتقوى اللّه فى سرائر أمره وخفيّات عمله ، حيث لا شاهد غيره ، ولا وكيل دونه وآمره أن لا يعمل بشىء من طاعة اللّه فيما ظهر فيخالف إلى غيره فيما أسرّ (١) ومن لم يختلف سرّه وعلانيته ، وفعله ومقالته ، فقد أدّى الأمانة ، وأخلص العبادة وآمره أن لا يجبههم (٢) ولا يعضههم ، ولا يرغب عنهم تفضّلا بالامارة عليهم ، فإنّهم الإخوان فى الدّين ، والأعوان على استخراج الحقوق. وإنّ لك فى هذه الصّدقة نصيبا مفروضا ، وحقّا معلوما ، وشركاء أهل مسكنة ، وضعفاء ذوى فاقة ، وإنّا موفّوك حقّك فوفّهم حقوقهم! وإلاّ فإنّك من أكثر النّاس خصوما يوم القيامة ، وبؤسا لمن خصمه عند اللّه الفقراء ، والمساكين (٣) والسّائلون ، والمدفوعون ، والغارم ، وابن السّبيل!! ومن استهان بالأمانة ، ورتع فى الخيانة ، ولم ينزّه نفسه ودينه عنها ، فقد أحلّ بنفسه
__________________
(١) فيخالف هو مصب النهى.
(٢) جبهه ـ كمنعه ـ : ضرب جبهته ، وعضه فلانا ـ كفرح ـ : بهته. نهى عن المخاشنة والتقريع ، و «لا يرغب عنهم» : لا يتجافى
(٣) بئس ـ كسمع ـ بؤسا : اشتدت حاجته ، ومن كان خصمه الفقراء فلا بد أن يبأس ، لأنهم لا يعفون ولا يتسامحون فى حقهم لتقرح قلوبهم من المنع عند الحاجة