٥١ ـ ومن كتاب له عليه السّلام
إلى عماله على الخراج
من عبد اللّه علىّ أمير المؤمنين إلى أصحاب الخراج : ـ
أمّا بعد ، فإنّ من لم يحذر ما هو صائر إليه (١) لم يقدّم لنفسه ما يحرزها. واعلموا أنّ ما كلفّتم يسير ، وأنّ ثوابه كثير. ولو لم يكن فيما نهى اللّه عنه من البغى والعدوان عقاب يخاف لكان فى ثواب اجتنابه ما لا عذر فى ترك طلبه. فأنصفوا النّاس من أنفسكم ، واصبروا لحوائجهم فإنّكم خزّان الرّعيّة (٢) ووكلاء الأمّة ، وسفراء الأئمّة. ولا تحسموا أحدا عن حاجته (٣) ولا تحبسوه عن طلبته ، ولا تبيعنّ للنّاس فى الخراج كسوة شتاء ولا صيف ولا دابّة يعتملون عليها (٤) ولا عبدا ، ولا تضربنّ أحدا سوطا لمكان درهم ، ولا تمسّنّ
__________________
(١) من لم يحذر العاقبة التى يصير إليها لم يعمل عملا لنفسه يحفظها من سوء المصير
(٢) الخزان ـ بضم فزاى مشددة ـ : جمع خازن ، والولاة يخزنون أموال الرعية فى بيت المال لتنفق فى مصالحها
(٣) لا تحسموا : لا تقطعوا ، ويروى «ولا تحشموا» بالشين المعجمة ، ويجوز ضم حرف المضارعة وفتحه قال ابن الأعرابى : حشمه أخجله ، وأحشمه أغضبه والطلبة ـ بالكسر وبفتح الطاء وكسر اللام ـ : المطلوب
(٤) أى : لا تضطروا الناس لأن يبيعوا لأجل أداء الخراج شيئا من كسوتهم ، ولا من الدواب اللازمة لأعمالهم فى الزرع والحمل ، مثلا ، ولا تضربوهم لأجل الدراهم ، ولا تمسوا مال أحد من المصلين ـ أى : المسلمين ـ أو المعاهدين بالمصادرة إلا ما كان عدة للخارجين على الاسلام يصولون بها على أهله.