ولمّا أدخل اللّه العرب فى دينه أفواجا ، وأسلمت له هذه الأمّة طوعا وكرها كنتم ممّن دخل فى الدّين إمّا رغبة وإمّا رهبة على حين فاز أهل السّبق بسبقهم ، وذهب المهاجرون الأوّلون بفضلهم فلا تجعلنّ للشّيطان فيك نصيبا ، ولا على نفسك سبيلا
١٨ ـ ومن كتاب له عليه السّلام
إلى عبد اللّه بن عباس ، وهو عامله على البصرة (١)
اعلم أنّ البصرة مهبط إبليس ومغرس الفتن (٢) فحادث أهلها بالإحسان إليهم ، واحلل عقدة الخوف عن قلوبهم (٣) وقد بلغنى تنمّرك لبنى تميم (٤) وغلظتك عليهم ، [و] إنّ بنى تميم لم يغب لهم نجم إلاّ طلع لهم آخر (٥) ، وإنّهم لم يسبقوا بوغم فى جاهليّة ولا إسلام ،
__________________
(١) كان عبد اللّه بن عباس قد اشتد على بنى تميم ، لأنهم كانوا مع طلحة والزبير يوم الجمل : فأقصى كثيرا منهم ، فعظم على بعضهم من شيعة الامام ، فشكا له.
(٢) «مهبط» موضع هبوطه. و «معرس» يروى بالغين المعجمة من الغرس ، أى : موضع غرس الفتن ، ويروى «معرس» بميم مضمومة فعين مهملة مفتوحة فراء مشددة ـ من التعريس ، وهو نزول القوم ليلا للاستراحة ، والمعرس : مكان ذلك
(٣) «حادث أهلها» أى : تعهدهم بالاحسان من قولك «خادثت السيف بالصقال»
(٤) «تنمرك» أى : تنكر أخلاقك
(٥) غيبوبة النجم : كناية عن الضعف ، وطلوعه : كناية عن القوة ، والوغم ـ بفتح فسكون ـ : الحرب والحقد ، والثأر ، أى : لم يسبقهم أحد فى البأس ، وكان بين بنى تميم وهاشم مصاهرة ، وهى تستلزم القرابة بالنسل