يكن ليدركه (١) ، فليكن سرورك بما نلت من آخرتك ، وليكن أسفك على ما فاتك منها ، وما نلت من دنياك فلا تكثر به فرحا ، وما فاتك منها فلا تأس عليه جزعا ، وليكن همّك فيما بعد الموت
٢٣ ـ ومن كلام له عليه السّلام
قاله قبل موته على سبيل الوصية ، لما ضربه ابن ملجم لعنه اللّه
وصيّتى لكم أن لا تشركوا باللّه شيئا ، ومحمّد صلّى اللّه عليه وآله [وسلّم (٢)] فلا تضيّعوا سنّته : أقيموا هذين العمودين ، [وأوقدوا هذين المصباحين] وخلاكم ذمّ (٣) أنا بالأمس صاحبكم ، واليوم عبرة لكم ، وغدا مفارقكم! إن أبق فأنا ولىّ دمى ، وإن أفن فالفناء ميعادى ، وإن أعف فالعفو لى قربة ، وهو لكم حسنة ، فاعفوا «أَلاٰ تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اَللّٰهُ لَكُمْ»؟ واللّه ما فجأنى من الموت وارد كرهته ، ولا طالع أنكرته ، وما كنت إلاّ
__________________
(١) قد يسر الانسان بشىء وقد حتم فى قضاء اللّه أنه له ، ويحزن بفوات شىء ومحتوم عليه أن يفوته ، والمقطوع بحصوله لا يصح الفرح به ، كالمقطوع بفواته لا يصح الحزن له ، لعدم الفائدة فى الثانى ، ونفى الغائلة فى الأول. و «لا تأس» أى : لا تحزن
(٢) «ومحمد» عطف على «أن لا تشركوا» مرفوع
(٣) «خلاكم ذم» أى : عداكم الذم ، والمراد جاوزكم اللوم بعد قيامكم بالوصية.