الّذى ران اللّه على قلبه ، وصارت دائرة السّوء على رأسه
٥٩ ـ ومن كتاب له عليه السّلام
إلى الأسود بن قطيبة صاحب [جند] حلوان (١)
أمّا بعد ، فإنّ الوالى إذا اختلف هواه (٢) منعه ذلك كثيرا من العدل ، فليكن أمر النّاس عندك فى الحقّ سواء ، فإنّه ليس فى الجور عوض من العدل ، فاجتنب ما تنكر أمثاله (٣) ، وابتذل نفسك فيما افترض اللّه عليك راجيا ثوابه ، ومتخوّفا عقابه.
واعلم أنّ الدّنيا دار بليّة لم يفرغ صاحبها فيها قطّ ساعة إلاّ كانت فرغته عليه حسرة يوم القيامة (٤) ، وأنّه لن يغنيك عن الحقّ شىء أبدا ، ومن الحقّ عليك حفظ نفسك ، والاحتساب على الرّعيّة بجهدك (٥) ، فإنّ الّذى يصل
__________________
(١) إيالة من إيالات فارس
(٢) اختلاف الهوى : جريانه مع الأغراض النفسية حيث تذهب. ووحدة الهوى : توجهه إلى أمر واحد ، وهو تنفيذ الشريعة العادلة على من يصيب حكمها
(٣) أى : ما لا تستحسن مثله لو صدر من غيرك
(٤) الفراغ الذى يعقب حسرة يوم القيامة : هو خلو الوقت من عمل يرجع بالنفع على الأمة ، فعلى الانسان أن يكون عاملا دائما فيما ينفع أمته ويصلح رعيته إن كان راعيا
(٥) الاحتساب على الرعية : مراقبة أعمالها وتقويم ما اعوج منها وإصلاح ما فسد. والأجر الذى يصل إليه العامل من اللّه والكرامة التى ينالها من الخليفة هما أفضل وأعظم من الصلاح الذى يصل إلى الرعية بسببه