ونبيّنا واحد ، ودعوتنا فى الاسلام واحدة ، ولا نستزيدهم فى الايمان باللّه والتّصديق برسوله ولا يستزيدوننا : الأمر واحد إلاّ ما اختلفنا فيه من دم عثمان ، ونحن منه براء! فقلنا : تعالوا نداو ما لا يدرك اليوم باطفاء الثّائرة (١) وتسكين العامّة ، حتّى يشتدّ الأمر ويستجمع فنقوى على وضع الحقّ مواضعه ، فقالوا : بل نداويه بالمكابرة! فأبوا حتّى جنحت الحرب وركدت ، ووقدت نيرانها وحمست. فلمّا ضرّستنا وإيّاهم (٢) ، ووضعت مخالبها فينا وفيهم ، أجابوا عند ذلك إلى الّذى دعوناهم إليه ، فأجبناهم إلى ما دعوا ، وسارعناهم إلى ما طلبوا ، حتّى استبانت عليهم الحجّة ، وانقطعت منهم المعذرة. فمن تمّ على ذلك منهم فهو الّذى أنقذه اللّه من الهلكة ، ومن لجّ وتمادى فهو الرّاكس (٣)
__________________
متحدون فى العقيدة لا اختلاف بيننا إلا فى دم عثمان ، و «لا نستزيدهم» أى : لا نطلب منهم زيادة فى الايمان ، لأنهم كانوا مؤمنين. وقوله «الأمر واحد» : جملة مستأنفة لبيان الاتحاد فى كل شىء إلا دم عثمان.
(١) النائرة : اسم فاعل من «نارت الفتنة تنور» إذا انتشرت ، والنائرة أيضا العداوة والشحناء. والمكابرة : المعاندة ، أى : دعاهم للصلح حتى يسكن الاضطراب ثم يوفيهم طلبهم فأبوا إلا الاصرار على دعواهم. وجنحت الحرب : مالت ، أى : مال رجالها لا يقادها ، وركدت : استقرت وقامت ، ووقدت ـ كوعدت ـ أى : اتقدت والتهبت ، وحمس ـ كفرح ـ : اشتد وصلب ، ويروى «حمشت»
(٢) ضرستنا : عضتنا بأضراسها
(٣) الراكس : الناكث الذى قلب عهده ونكثه. والراكس أيضا الثور الذى يكون فى وسط البيدر حين يداس والثيران حواليه وهو يرتكس ، أى : يدور مكانه ، وران على قلبه : غطى