أبتغى بذلك حسن الثّواب وكرم المآب (١). وسأفى بالّذى وأيت على نفسى (٢) ، وإن تغيّرت عن صالح ما فارقتنى عليه (٣) ، فإنّ الشّقىّ من حرم نفع ما أوتى من العقل والتّجربة ، وإنّى لأعبد أن يقول قائل بباطل (٤). وإن أفسد أمرا قد أصلحه اللّه ، فدع ما لا تعرف (٥) ، فانّ شرار النّاس طائرون إليك بأقاويل السّوء ، والسّلام.
٧٩ ـ ومن كتاب له عليه السّلام
لما استخلف ، إلى أمراء الأجناد
أمّا بعد ، فإنّما أهلك من كان قبلكم أنّهم منعوا النّاس الحقّ فاشتروه (٦) ، وأخذوهم بالباطل فاقتدوه (٧).
__________________
(١) المآب : المرجع إلى اللّه
(٢) سأوفى بما وأيت ، أى : وعدت وأخذت على نفسى
(٣) «تغيرت» خطاب لأبى موسى ، يقول : إذا انقلبت عن الرأى الصالح الذى تفارقنا عليه ـ وهو الأخذ بالحذر ، والوقوف عند الحق الصريح ـ فانك تكون شقيا ، لأن الشقى من حرمه اللّه نفع التجربة فأخذه الناس بالخديعة
(٤) عبد يعبد ـ كغضب يغضب ـ عبدا ـ كغضبا وزنا ومعنى ، أى : يغضبنى قول الباطل ، وإفسادى لأمر الخلافة الذى أصلحه اللّه بالبيعة. ونسبة الافساد لنفسه لأن أبا موسى نائب عنه ، وما يقع عن النائب كأنه وقع عن الأصيل
(٥) أى : ما فيه الريبة والشبهة فاتركه
(٦) أى : حجبوا عن الناس حقهم ، فاضطر الناس لشراء الحق منهم بالرشوة ، فانقلبت الدولة عن أولئك المانعين فهلكوا «وأنهم منعوا» فاعل «أهلك»
(٧) أى : كلفوهم باتيان الباطل فأتوه ، وصار قدوة يتبعها الأبناء بعد الآباء