له وأطيعا ، واجعلاه درعا ومجنّا (١) ، فإنّه ممّن لا يخاف وهنه ، ولا سقطته ، ولا بطؤه عمّا الاسراع إليه أحزم ، ولا إسراعه إلى ما البطء عنه أمثل
١٤ ـ ومن وصيّة له عليه السّلام
لعسكره قبل لقاء العدو بصفين
لا تقاتلوهم حتّى يبدءوكم ، فإنّكم ـ بحمد اللّه ـ على حجّة ، وترككم إيّاهم حتّى يبدءوكم حجّة أخرى لكم عليهم ، فاذا كانت الهزيمة باذن اللّه فلا تقتلوا مدبرا ، ولا تصيبوا معورا (٢) ، ولا تجهزوا على جريح ، ولا تهيجوا النّساء بأذى ، وإن شتمن أعراضكم ، وسببن أمراءكم ، فإنّهنّ ضعيفات القوى والأنفس والعقول ، إن كنّا لنؤمر بالكفّ عنهنّ وإنّهنّ لمشركات (٣) وإن كان الرّجل ليتناول المرأة فى الجاهليّة بالفهر أو الهراوة (٤) فيعيّر بها وعقبه من بعده.
__________________
(١) الدرع : ما يلبس من مصنوع الحديد للوقاية من الضرب والطعن ، والمجن : الترس ، أى : اجعلاه حاميا لكما ، والوهن : الضعف ، والسقطة : الغلطة. وأحزم : أقرب للحزم ، وأمثل : أولى وأحسن
(٢) المعور ـ كمجرم ـ : الذى أمكن من نفسه وعجز عن حمايتها ، وأصله «أعور» أى : أبدى عورته ، وأجهز على الجريح : تمم أسباب موته
(٣) هذا حكم الشريعة الاسلامية ، لا ما يتوهمه جاهلوها من إباحتها التعرض لأعراض الأعداء ، نعوذ باللّه
(٤) الفهر ـ بالكسر ـ : الحجر على مقدار ما يدق به الجوز أو يملأ الكف والهراوة ـ بالكسر ـ : العصا أو شبه الدبوس من الخشب ، و «عقبه» عطف على الضمير المستتر فى «يعير» ، وقد وقع الفصل بالجار والمجرور وذلك كاف