فيهجع (١) قرّت إذا عينه (٢) إذا اقتدى بعد السّنين المتطاولة بالبهيمة الهاملة (٣) والسّائمة المرعيّة!
طوبى لنفس أدّت إلى ربّها فرضها ، وعركت بجنبها بؤسها (٤) ، وهجرت فى اللّيل غمضها (٥) ، حتّى إذا غلب الكرى عليها افترشت أرضها ، وتوسّدت كفّها ، فى معشر أسهر عيونهم خوف معادهم ، وتجافت عن مضاجعهم جنوبهم وهمهمت بذكر ربّهم شفاههم (٦) ، وتقشّعت بطول استغفارهم ذنوبهم «أُولٰئِكَ حِزْبُ اَللّٰهِ أَلاٰ إِنَّ حِزْبَ اَللّٰهِ هُمُ اَلْمُفْلِحُونَ» فاتّق اللّه يا ابن حنيف ، ولتكفك أقراصك ، ليكون من النّار خلاصك.
٤٦ ـ ومن كتاب له عليه السّلام
إلى بعض عماله
أمّا بعد ، فإنّك ممّن أستظهر به على إقامة الدّين (٧) ، وأقمع به نخوة الأثيم
__________________
(١) «يهجع» أى : يسكن كما سكنت الحيوانات بعد طعامها
(٢) دعاء على نفسه ببرود العين ـ أى : جمودها ـ من فقد الحياة. تعبير باللازم
(٣) الهاملة : المسترسلة ، والهمل من الغنم ترعى نهارا بلا راع
(٤) البؤس : الضر. وعركه بالجنب : الصبر عليه كأنه شوك فيسحقه بجنبه. ويقال : فلان يعرك بجنبه الأذى ، إذا كان صابرا عليه
(٥) الغمص ـ بالضم ـ : النوم ، والكرى ـ بالفتح ـ : كذلك
(٦) الهمهمة : الصوت يردد فى الصدر ، وأراد منه الأعم ، وتقشع الغمام : انجلى
(٧) أستظهر : أستعين به ، و «وأقمع» أى : أكسر ، والنخوة ـ بالفتح ـ : الكبر ، والأثيم : فاعل الخطايا