اشترى هذا المغترّ بالأمل ، من هذا المزعج بالأجل ، هذه الدّار بالخروج من عزّ القناعة ، والدّخول فى ذلّ الطّلب والضّراعة (١) ، فما أدرك هذا المشترى فيما اشترى منه من درك فعلى مبلبل أجسام الملوك ، وسالب نفوس الجبابرة ، ومزيل ملك الفراعنة ، مثل كسرى وقيصر ، وتبّع وحمير ، ومن جمع المال على المال فأكثر ، [ومن بنى] وشيّد ، وزخرف ونجّد ، وادّخر واعتقد ، ونظر بزعمه للولد ، إشخاصهم جميعا (٢) إلى موقف العرض والحساب ، وموضع الثّواب والعقاب ، إذا وقع الأمر بفصل القضاء «وَخَسِرَ هُنٰالِكَ اَلْمُبْطِلُونَ» شهد على ذلك العقل إذا خرج من أسر الهوى ، وسلم من علائق الدّنيا.
٤ ـ ومن كتاب له عليه السّلام
إلى بعض أمراء جيشه
فإن عادوا إلى ظلّ الطّاعة فذلك الّذى نحبّ ، وإن توافت الأمور بالقوم
__________________
(١) الضراعة : الذلة ، والدرك ـ بالتحريك ـ : التبعة. والمراد منه ما يضر بملكية المشترى أو منفعته بما اشترى ، ويكون الضمان فيه على البائع ، ومبلبل الأجسام : مهيج داءاتها المهلكة لها ، ونجد ـ بتشديد الجيم ـ أى : زين ، واعتقد المال : اقتناه
(٢) إشخاصهم : مبتدأ مؤخر خبره «على مبلبل الأجسام الخ» أى : إذا لحق المشترى ما يوجب الضمان فعلى مبلبل الأجسام إرساله هو والبائع إلى موقف الحساب الخ.