وأمضيتها بسوء رأيك! وكتاب امرئ ليس له بصر يهديه ، ولا قائد يرشده ، قد دعاه الهوى فأجابه ، وقاده الضّلال فاتّبعه ، فهجر لاغطا (١) [وضلّ] خابطا
منه : لأنّها بيعة واحدة لا يثنّى فيها النّظر (٢) ولا يستأنف فيها الخيار ، الخارج منها طاعن ، والمروّى فيها مداهن
٨ ـ ومن كتاب له عليه السّلام
إلى جرير بن عبد اللّه البجلى ، لما أرسله إلى معاوية
أمّا بعد ، فإذا أتاك كتابى فاحمل معاوية على الفصل (٣) وخذه بالأمر الجزم ، ثمّ خيّره بين حرب مجلية ، أو سلم مخزية ، فإن اختار الحرب فانبذ إليه ، وإن اختار السّلم فخذ بيعته ، والسّلام
__________________
(١) هجر : هذى فى كلامه ولغا ، وقد هجر ـ من باب نصر ـ فهو هاجر ، والكلام مهجور ، وبه فسر مجاهد وغيره قوله تعالى : «إِنَّ قَوْمِي اِتَّخَذُوا هٰذَا اَلْقُرْآنَ مَهْجُوراً» أى : باطلا ، واللغط : الجلبة بلا معنى
(٢) لا ينظر فيها ثانيا بعد النظر الأول ، ولا خيار لأحد فيها يستأنفه بعد عقدها ، والمروى : هو المتفكر هل يقبلها أو ينبذها ، والمداهن : المنافق
(٣) الفصل : الحكم القطعى ، و «حرب مجلية» أى : مخرجة له من وطنه ، والسلم المخزية : الصلح الدال على العجز والخطل فى الرأى الموجب للخزى ، فانبذ إليه أى : اطرح إليه عهد الأمان وأعلنه بالحرب ، والفعل من باب ضرب