وقد أتانى كتاب منك ذو أفانين من القول (١) ضعفت قواها عن السّلم ، وأساطير لم يحكها منك علم ولا حلم ، أصبحت منها كالخائض فى الدّهاس (٢) والخابط فى الدّيماس ، وترقّيت إلى مرقبة بعيدة المرام (٣) نازحة الأعلام ، تقصر دونها الأنوق (٤) ويحاذى بها العيّوق وحاش للّه أن تلى للمسلمين بعدى صدرا أو وردا (٥) أو أجرى لك على
__________________
سدوله ـ أى : أغطيته ـ من الظلام. والجلابيب : جمع جلباب ، وهو الثوب الأعلى يغطى ما تحته ، أى : طالما أسدلت الفتنة أغطية الباطل فأخفت الحقيقة ، وأعشت الأبصار : أضعفتا ومنعتها النفوذ إلى المرئيات الحقيقة
(١) أفانين القول : ضروبه وطرائقه ، والسلم : ضد الحرب ، والأساطير : جمع أسطورة ، بمعنى الخرافة لا يعرف لها منشأ ، وحاكه يحوكه : نسجه ، ونسج الكلام تاليفه ، والحلم ـ بالكسر ـ : العقل
(٢) الدهاس ـ كسحاب ـ : أرض رخوة لا هى تراب ولا رمل ، ولكن منهما يعسر فيها السير ، والديماس ـ بفتح فسكون ـ : المكان المظلم ، وخبط فى سيره : لم يهتد
(٣) المرقبة ـ بفتح فسكون ـ : مكان الارتقاب ، وهو العلو والاشراف ، أى : رفعت نفسك إلى منزلة بعيد عنك مطلبها ، و «نازحة» أى : بعيدة ، والأعلام : جمع علم ، وهو ما ينصب ليهتدى به ، أى : خفية المسالك
(٤) الأنوق ـ كصبور ـ : طير أصلع الرأس أصفر المنقار ، يقال : أعز من بيض الأنوق ، لأنها تحرزه فلا تكاد تظفر به ، لأن أوكارها فى القلل الصعبة. ولهذا الطائر خصال عدها صاحب القاموس ، والعيوق ـ بفتح فضم مشدد ـ : نجم أحمر مضىء فى طرف المجرة الأيمن يتلو الثريا لا يتقدمها
(٥) الورد ـ بالكسر ـ : الاشراف على الماء ، والصدر ـ بالتحريك ـ : الرجوع بعد الشرب ، أى : لا يتولاهم فى جلب منفعة ولا ركون إلى راحة